آداب قضاء الحاجة: تنزيه ذكر الله والكلام في الخلاء**


مقدمة: تعظيم شعائر الله

الإسلام دين عظيم، يعلمنا الأدب في كل شؤون حياتنا، حتى في الأمور التي قد تبدو بسيطة أو شخصية. من بين هذه الأمور، آداب قضاء الحاجة، والتي تتضمن احترام ذكر الله وتنزيهه عن كل ما لا يليق بمقامه. في هذا المقال، سنستعرض أهم الأحكام المتعلقة بذكر الله والكلام في الخلاء، مستندين إلى أقوال العلماء والأدلة الشرعية.

المطلب الأول: كراهة ذكر الله باللسان في الخلاء

اتفق الفقهاء من المذاهب الأربعة (الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة) على كراهة ذكر الله تعالى باللسان أثناء قضاء الحاجة. ويشمل ذلك ترديد الأذان وتشميت العاطس.

الأدلة من السنة النبوية:

  1. حديث ابن عمر: أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم، فلم يرد عليه.
  2. حديث المهاجر بن قنفذ: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ ثم اعتذر إليه فقال: "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر أو قال على طهارة".

وجه الدلالة:

عدم رد النبي صلى الله عليه وسلم السلام في الحالتين السابقتين يدل على كراهة ذكر الله في هذه الأماكن، فترك ذكر الله تعالى في مثل هذه المواقف أولى وأجدر.

التعليل:

يتنافى ذكر الله مع الأدب اللائق بمقامه الرفيع، خاصة في الأماكن التي تجتمع فيها الأخباث والنجاسات. فاسم الله تعالى يجب أن يصان ويجل عن هذه المواطن.

المطلب الثاني: كراهة إدخال ما فيه ذكر الله إلى الخلاء

اتفق الفقهاء أيضًا على كراهة إدخال ما فيه ذكر الله تعالى إلى الخلاء إلا لحاجة. ويشمل ذلك المصحف الشريف وغيره من الكتب التي تحتوي على آيات قرآنية أو أسماء الله الحسنى.

الدليل من السنة النبوية:

نفس حديث ابن عمر السابق، حيث يدل امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن رد السلام على تنزيه ذكر الله، ومنه عدم إدخال ما فيه ذكر الله إلى الخلاء.

تنبيه مهم:

لا يجوز قياس الهواتف الذكية التي تحتوي على تطبيقات القرآن الكريم على المصحف الشريف في هذه المسألة، وذلك لوجود اختلاف في طبيعة كل منهما. فالمصحف مخصص لكلام الله، بينما الهاتف الذكي جهاز متعدد الاستخدامات.

المطلب الثالث: كراهة الكلام أثناء قضاء الحاجة

يرى جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وطائفة من السلف كراهة الكلام أثناء قضاء الحاجة لغير مصلحة.

الدليل من السنة النبوية:

نفس حديث ابن عمر السابق، حيث يدل على أن من يقضي حاجته لا يتكلم ولا يرد سلامًا، ولا يستحق المسلِّم عليه جوابًا.

الاستثناء:

يجوز الكلام أثناء قضاء الحاجة إذا دعت إليه الضرورة أو المصلحة، مثل تنبيه شخص لخطر محدق أو الإجابة عن سؤال مهم.

الخلاصة:

آداب قضاء الحاجة جزء لا يتجزأ من تعاليم الإسلام، وهي تعكس حرص المسلم على تعظيم شعائر الله وتنزيه اسمه عن كل ما لا يليق. فليحرص كل مسلم على تطبيق هذه الآداب في حياته اليومية.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *