أسباب صمود حماس: عقيدة ثابتة وإعداد

أسباب صمود حماس: عقيدة ثابتة وإعداد

إن من أعظم الأسباب التي تفسر صمود حماس في وجه الاحتلال الإسرائيلي، ذلك الصمود الذي تجاوز حدود التوقعات وأذهل الأعداء قبل الأصدقاء، هو العقيدة الصحيحة التي تحملها في قلوب أفرادها. هذه العقيدة الراسخة هي التي جعلتهم يتوكلون على الله حق التوكل، ويتمسكون بدينه تمسكاً لا يلين، وينصرون الحق ويجابهون الباطل بشجاعة وإيمان.

العقيدة والتوكل على الله

لا يمكن لأي قوة أن تصمد في وجه الظلم والاستبداد لولا توفيق الله ورعايته. فحماس تستمد قوتها من الإيمان بأن الله هو الناصر والمعين، وأنه لا غالب إلا الله. التمسك بالصلاة، والالتزام بالذكر، والدعاء المستمر، كلها عوامل روحية جعلت أفراد الحركة يشعرون بأنهم ليسوا وحدهم في هذه المعركة، بل يقفون على أرضية صلبة من اليقين بأن النصر والتمكين وعد من الله لعباده المتقين.

قال تعالى: إن تنصروا الله ينصركم ويُثبِّت أقدامكم [محمد: 7]. هذه الآية الكريمة تلخص المسيرة الإيمانية لحماس، فهي تنطلق من النصرة لدين الله ومن الجهاد في سبيله.

نصرة الحق ومجابهة الباطل

حماس تقف على مبدأ نصرة الحق مهما كلف الثمن. فهي ترى في نفسها المدافعة عن قضايا الأمة الإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تمثل رمز الصراع بين الحق والباطل. إن استشعارهم لهذه المهمة الكبرى يجعلهم يقدمون الغالي والنفيس، ويتحملون كل الصعوبات والتضحيات.

الأسباب الدنيوية للصمود

إلى جانب العقيدة والتوكل على الله، فإن الإعداد الدنيوي الذي قامت به حماس ساهم بشكل كبير في صمودها:

1. البنية التحتية العسكرية

طورت حماس شبكة أنفاق معقدة تُعرف بـ”مترو حماس”، مما أتاح لها حرية الحركة والمناورة بعيدًا عن أعين القوات الإسرائيلية. هذه الأنفاق أصبحت من أهم أدوات الصمود والمواجهة، حيث ساعدت في تأمين القادة والمقاتلين وتخزين الأسلحة.

2. التصنيع المحلي للأسلحة

اعتمدت حماس على تطوير قدراتها الذاتية في تصنيع الأسلحة والمعدات. هذا الاعتماد على النفس قلل من تأثير الحصار المفروض على قطاع غزة، وأتاح للحركة الاستمرار في التصدي للاحتلال.

3. التكتيكات الحربية المرنة

اتبعت حماس تكتيكات حرب العصابات والهجمات المباغتة، مما أربك حسابات العدو وجعله غير قادر على توقع خطواتها. الاستفادة من الجغرافيا المحلية والتخطيط المحكم جعلت المواجهة مع الاحتلال مكلفة وصعبة.

4. الدعم الشعبي

يحظى مشروع المقاومة الذي تمثله حماس بدعم كبير من سكان غزة، الذين تحملوا ظروف الحرب والحصار بثبات وصبر. هذا الدعم الشعبي يشكل ركيزة أساسية لاستمرار الحركة.

5. القيادة الفاعلة

احتفظت حماس بقيادة مركزية قادرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية، والتكيف مع متغيرات الميدان، وتنظيم الجهود بشكل يجعل الحركة تعمل ككيان واحد متكامل.

الختام

إن صمود حماس لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة مزج عميق بين الإيمان بالله والتوكل عليه، وبين الأخذ بالأسباب الدنيوية والإعداد الجيد. هذا النموذج الفريد يثبت أن العقيدة الراسخة والإعداد المحكم هما السبيل لمواجهة أي قوة ظالمة مهما بلغت قوتها. نسأل الله أن يثبت أقدام المجاهدين وينصرهم على أعدائهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *