في فجر يوم الجمعة، استيقظت منطقة الشرق الأوسط على وقع تطورات مفاجئة، تمثلت في سلسلة ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع حساسة داخل إيران. هذه الضربات، التي قيل إنها استهدفت منشآت نووية وقيادات في الحرس الثوري والبرنامج النووي الإيراني، أثارت تساؤلات عميقة حول التوقيت والدوافع والتداعيات المحتملة على المنطقة والعالم.
"الأسد الصاعق": عملية معقدة أم مجرد قصف عابر؟
وفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية، لم تقتصر العملية، التي أطلق عليها اسم "الأسد الصاعق"، على الضربات الجوية. بل تضمنت ثلاث عمليات متزامنة نفذها "الموساد"، مما يشير إلى أنها كانت عملية متعددة الأذرع تهدف إلى إحداث شلل في القدرات الإيرانية من الداخل.
- الأهداف الرئيسية:
- منشآت نووية، وعلى رأسها منشأة "نطنز".
- شخصيات قيادية وازنة، بما في ذلك مسؤولون عسكريون وعلماء نوويون.
الهدف المعلن للعملية، كما يبدو، هو إرسال رسالة قوية إلى إيران بقدرة إسرائيل على اختراق النظام الإيراني وتقويض ثقته بقدراته الدفاعية.
عنصر المفاجأة: خطة تضليل محكمة
لم يكن عنصر المفاجأة في هذه العملية وليد الصدفة، بل نتيجة لخطة تضليل محكمة اعتمدت على:
- تسريبات مدروسة عن خلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
- تصريحات إسرائيلية موجهة توحي بعدم نية التصعيد.
- تزامن العملية مع انشغال طهران بالمفاوضات النووية.
هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تعزيز شعور زائف بالأمان لدى إيران، مما سهل تنفيذ العملية بنجاح.
الدعم الأمريكي: تفاهم غير معلن؟
على الرغم من النفي الرسمي، تشير التحليلات إلى أن الولايات المتحدة قدَّمت دعما استخباراتيا ولوجيستيا للعملية. هذا الدعم، إن صح، قد يندرج في إطار تفاهم غير معلن بين واشنطن وتل أبيب لتحجيم إيران دون التورط في مواجهة مباشرة.
إيران على مفترق طرق: تداعيات محتملة
يواجه النظام الإيراني اليوم تحديًا كبيرًا. فإذا فشل في ترميم هيبته وتثبيت قدرته على الردع، فقد يواجه تصدعات داخلية خطيرة.
- السيناريوهات المحتملة:
- رد إيراني قوي ومباشر: قد يستدرج الولايات المتحدة إلى مواجهة مفتوحة، مما قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على الداخل الإيراني.
- رد إيراني محدود: قد يُنظر إليه على أنه اعتراف غير مباشر بنجاح إسرائيل في تحقيق أهدافها الإستراتيجية.
تحليل الخبراء: دوافع إسرائيلية وتوقيت استراتيجي
يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن العملية لم تكن لتحدث دون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، على الرغم من نفي الأخيرة. ويشير إلى أن توقيت العملية، المتزامن مع المباحثات النووية بين طهران وواشنطن، يثير تساؤلات كبيرة ويعزز فرضية وجود تفاهم غير معلن بين تل أبيب وواشنطن.
ويعتقد شلحت أن الضربة قد تكون مرتبطة بدوافع إسرائيلية داخلية، مثل الاحتجاجات المتصاعدة والفشل العسكري في غزة والضغوط الأمريكية. ويرى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد يكون قد استغل العملية لإنقاذ حكومته وإعادة ضبط المشهد السياسي الداخلي.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي طه إغبارية أن الضربة جاءت في لحظة حساسة من مسار المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، وأنها تهدف إلى الضغط على إيران لتقديم تنازلات في المفاوضات.
ويعتقد إغبارية أن نتنياهو قد يكون قد استغل العملية لتعزيز موقعه السياسي، بعد سلسلة إخفاقات في غزة.
إلى أين تتجه الأمور؟
تعتبر الضربة الإسرائيلية لإيران اختبارًا إستراتيجيًا قد يمهد لتغيرات جوهرية في توازن القوى في المنطقة. يبقى السؤال الأهم: كيف سترد إيران؟ وهل ستنجح في الحفاظ على توازن الردع، أم أنها ستنزلق إلى مواجهة أوسع نطاقًا؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مسار الأحداث في المنطقة خلال الفترة القادمة.
اترك تعليقاً