اختبار الإيمان: هل محبتك تعكس عقيدتك حقًا؟**

الإيمان والحب: حدود العلاقة بين القلب والعقيدة

كثيرًا ما يتساءل المرء عن حدود حريته في اختيار من يحب، وهل لهذه المحبة تأثير على إيمانه وعلاقته بربه؟ هل يمكن للمرء أن يحب من يعارضون شرع الله، أو يناصرون أعداء دينه، أو ينشرون الفساد والمعاصي، ثم يدعي أن هذا الحب "شأن شخصي" لا يمت للإيمان بصلة؟

هذا التصور، وإن بدا للبعض مقبولًا، يكشف عن خلل في فهم حقيقة الإسلام الشاملة، التي لا تقتصر على أداء العبادات الظاهرية كالصلاة والصوم، بل تمتد لتشمل المشاعر والأحاسيس، وتوجه القلوب نحو الحق والخير.

الحب في الله والبغض في الله: معيار الإيمان الحق

إن الإيمان الحقيقي يقتضي الحب في الله والبغض في الله، أي أن يكون معيار الحب والبغض هو رضا الله تعالى. فكيف يمكن للمؤمن أن يحب من يعصي الله ويحارب دينه، ثم يدعي أنه يحب الله ورسوله؟

إن هذا التناقض يطعن في صميم الإيمان، ويجعل القلب أسيرًا للهوى والشهوات، بعيدًا عن نور الهداية. وقد حذرنا الله تعالى من هذا الأمر في قوله: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} (المجادلة: 22).

أقوال نبوية ترسم طريق الإيمان القويم

وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية الحب في الله والبغض في الله في العديد من الأحاديث، منها:

  • "المرء مع من أحب": هذا الحديث يحمل في طياته تحذيرًا للمؤمن من أن اختياره لمن يحب سيكون له تبعات في الآخرة.
  • "أوثق عُرى الإيمان الحب في الله والبُغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله": هذا الحديث يبين أن الحب والبغض في الله هما من أقوى علامات الإيمان وأوثقها.
  • "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان": هذا الحديث يوضح أن الإيمان الكامل يتطلب أن تكون جميع أفعال المؤمن، بما في ذلك الحب والبغض والعطاء والمنع، لله وحده.

فتش قلبك قبل فوات الأوان

فليتفقد كل منا قلبه، وليراجع حساباته، وليتأمل فيمن يحب ومن يكره، وهل هذه المحبة والكراهية تتفق مع مرضاة الله تعالى أم لا. فاليوم هو يوم العمل ولا حساب، وغدًا يوم الحساب ولا عمل.

فلنحرص على أن نأتي الله بقلب سليم، نقي من الشوائب، مملوء بحب الله ورسوله، وبغض كل ما يغضب الله تعالى. ففي ذلك النجاة والفلاح، والفوز برضا الله وجنته.

{يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء: 88-89).

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *