اقتصاد بريطانيا يواجه رياحًا معاكسة: تحليل لأسباب الانكماش وتوقعات المستقبل
شهد الاقتصاد البريطاني في شهر أبريل/نيسان الماضي انكماشًا حادًا، مما أثار مخاوف بشأن مسار النمو المستقبلي. هذا التراجع، الذي تجاوز التوقعات، يعكس تأثير مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، أبرزها تداعيات الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة. في هذا المقال، نغوص في تفاصيل هذا الانكماش، ونستعرض الأسباب الكامنة وراءه، ونتناول التوقعات المستقبلية للاقتصاد البريطاني.
صدمة أبريل: تفاصيل الانكماش المفاجئ
- انكماش أكبر من المتوقع: سجل الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا بنسبة 0.3% في أبريل/نيسان، وهو أكبر انخفاض شهري منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. هذا الرقم جاء مخالفًا للتوقعات التي كانت تشير إلى انكماش بنسبة 0.1% فقط.
- تراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة: سجلت صادرات السلع البريطانية إلى الولايات المتحدة أكبر انخفاض لها منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1997، حيث انخفضت الشحنات بمقدار 2 مليار جنيه إسترليني (2.7 مليار دولار) مقارنة بشهر مارس/آذار.
- تأثير القطاعات الداخلية: ساهم تراجع القطاعين العقاري والقانوني، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج وصادرات شركات تصنيع السيارات، في هذا الانكماش.
أسباب الانكماش: عوامل داخلية وخارجية
- الرسوم الجمركية الأمريكية: أدت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على السلع المستوردة، وخاصة الصلب والألومنيوم والسيارات، إلى تراجع كبير في الصادرات البريطانية.
- انتهاء الإعفاء الضريبي المؤقت: أثر انتهاء الإعفاء الضريبي المؤقت على شراء المنازل سلبًا على القطاع العقاري، مما ساهم في الانكماش الاقتصادي.
- تراجع إنتاج السيارات: واجهت شركات تصنيع السيارات صعوبات في الإنتاج والتصدير، مما أثر على أداء القطاع الصناعي.
توقعات النمو: نظرة مستقبلية
- تعديل توقعات النمو: على الرغم من النمو القوي الذي شهده الاقتصاد البريطاني في الربع الأول من عام 2025، إلا أن بنك إنجلترا خفض توقعاته للنمو لعام 2026 إلى 1.25%، مع توقعات بأن تؤدي الرسوم الجمركية إلى خفض الناتج بنسبة 0.3% خلال 3 سنوات.
- اتفاقية التجارة المحتملة بين بريطانيا وأمريكا: تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا تقتربان من التوقيع على اتفاقية تجارية تهدف إلى تخفيف الرسوم الجمركية على بعض الصادرات البريطانية، مقابل تحسين وصول منتجي لحوم البقر والإيثانول الأمريكيين إلى السوق البريطانية.
- ضغوط سياسية داخلية: تواجه الحكومة البريطانية ضغوطًا سياسية داخلية بسبب سرعة تنفيذ الاتفاقية التجارية المحتملة مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مخاوف بشأن تأثيرها على صانعي الإيثانول المحليين.
خلاصة:
يمر الاقتصاد البريطاني بمرحلة حرجة، حيث يواجه تحديات داخلية وخارجية. الانكماش المفاجئ في شهر أبريل/نيسان يمثل جرس إنذار، ويستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز النمو الاقتصادي. يبقى التوصل إلى اتفاقية تجارية متوازنة مع الولايات المتحدة، وإيجاد حلول لدعم القطاعات المتضررة، من بين الأولويات الرئيسية التي يجب على الحكومة البريطانية التركيز عليها في الفترة المقبلة.
اترك تعليقاً