التسبيح: مفتاح السعادة والرضا في الدنيا والآخرة

التسبيح: نور القلب وسر الرضا في الحياة

التسبيح ليس مجرد كلمات، بل هو ينبوع الحياة الروحية، وبلسم لجراح القلوب، ودواء للصدور. إنه الأنس الذي يرافق المؤمن في خلوته، والرفيق الذي يهديه في دروب الحياة. ففي الحديث الشريف، تتجلى أهمية الذكر والتسبيح، حيث شبه النبي صلى الله عليه وسلم الذاكر لله بالحي، والغافل عنه بالميت، مما يدل على أن الذكر والتسبيح هما روح الحياة ونبضها.

التسبيح: ثناء وتمجيد وتعظيم لله

التسبيح هو تعبير عن الثناء المطلق لله، وتنزيهه عن كل نقص، وتعظيمه في كل حال. إنه اعتراف بعظمة الخالق وجلاله، كما جاء في قوله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصفات: 180]. فالتسبيح هو إقرار بأن الله هو الكامل المتعالي، الذي لا يحيط به وصف، ولا يدركه عقل.

التسبيح في الصلاة: ذكر الركوع والسجود

التسبيح جزء لا يتجزأ من الصلاة، فهو الذكر الذي يردده المصلي في الركوع والسجود، معبراً عن خضوعه وتذلله لله. "سبحان ربي العظيم" في الركوع، و"سبحان ربي الأعلى" في السجود، هما كلمتان تعكسان عظمة الله وجلاله، وعلوه وسموه.

التسبيح: أحب الكلام إلى الله

التسبيح من أحب الكلام إلى الله، وأفضله عنده. ففي الحديث المتفق عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم». فهاتان الكلمتان، على سهولتهما وخفتهما، تحملان في طياتهما أجراً عظيماً، ومحبة من الرحمن الرحيم.

التسبيح: لا يحده زمان ولا مكان

التسبيح عبادة مفتوحة، لا تتقيد بزمان ولا بمكان، ولا تحدد بعدد معين. فالله تعالى يدعونا إلى ذكره ذكراً كثيراً، وتسبيحه بكرة وأصيلاً، في كل وقت وحين. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41-42].

التسبيح: ملجأ عند الشدائد ومفتاح للرضا

التسبيح هو السلاح الذي يلجأ إليه المؤمن عند الشدائد والمحن، وهو المفتاح الذي يفتح له أبواب الرضا والسعادة. ففي قصة يونس عليه السلام، عندما ابتلعه الحوت، لم يكن له ملجأ إلا التسبيح، فنجاه الله بفضله ورحمته. يقول تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143-144].

وإذا أردت أن يرضى عنك الله، فأكثر من التسبيح في آناء الليل وأطراف النهار. يقول تعالى: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130].

التسبيح: دواء للهموم ومغفرة للذنوب

التسبيح هو البلسم الذي يداوي الهموم، ويزيل الغموم، ويشرح الصدور. فإذا ضاق صدرك، وتعاظم همك، فعليك بالتسبيح. يقول تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: 97-98].

والتسبيح هو سبب لمغفرة الذنوب، وستر العيوب. ففي الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر» (رواه مسلم).

التسبيح: خاتمة العمل وشكر النعمة

التسبيح هو خاتمة العمل، وشكر النعمة، واعتراف بالتقصير. فإذا أنجزت عملك، وأديت واجبك، فسبح بحمد ربك واستغفره، إنه كان تواباً. يقول تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 3].

اللهم فقهنا في الدين، واجعلنا هداة مهتدين، وارزقنا الإخلاص في القول والعمل.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *