السوداني في أنقرة: شراكة استراتيجية تتجاوز الحدود نحو آفاق إقليمية أوسع

السوداني في أنقرة: شراكة استراتيجية تتجاوز الحدود نحو آفاق إقليمية أوسع

مقدمة: تعزيز الشراكة العراقية التركية في ظل التحديات الإقليمية

شكلت زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى أنقرة ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان محطة هامة في مسيرة تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين. هذه الزيارة، التي تعد الثالثة من نوعها خلال فترة تولي السوداني رئاسة الحكومة، تأتي في سياق حراك دبلوماسي مكثف يعكس حرص الطرفين على تطوير التعاون في مختلف المجالات، بدءًا بالأمن والطاقة والمياه، وصولًا إلى التنسيق في القضايا الإقليمية المعقدة.

أبعاد الزيارة: رؤية استراتيجية شاملة

تتجاوز هذه الزيارة مجرد اللقاءات الثنائية، فهي تحمل في طياتها بعدين استراتيجيين رئيسيين: بعد سياسي يتعلق بالتطورات الإقليمية، وبعد فني يركز على تعزيز التعاون العملي في الملفات الحيوية.

  • البعد السياسي: استعراض معمق لأبرز القضايا الإقليمية، بما في ذلك:

    • الأوضاع المتأزمة في قطاع غزة ولبنان وسوريا.
    • ملف المفاوضات الأميركية الإيرانية وتداعياته المحتملة.
    • مسألة حزب العمال الكردستاني وتأثيرها على الأمن الإقليمي.
    • القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وسبل التنسيق بشأنها.
  • البعد الفني: تركيز على تعزيز التعاون العملي في المجالات التالية:
    • الأمن: تعزيز التعاون في الملف الأمني المشترك لمواجهة التحديات الأمنية العابرة للحدود.
    • المياه: مناقشة قضية المياه الحيوية وإيجاد حلول مستدامة للتحديات المائية المشتركة.
    • متابعة مذكرات التفاهم: تفعيل مذكرات التفاهم الموقعة خلال الزيارات المتبادلة والانطلاق نحو تنفيذ بنودها.

طريق التنمية الاستراتيجي: رؤية تتجاوز الحدود

برز مشروع طريق التنمية الاستراتيجي كأحد أبرز محاور النقاش، حيث يمثل هذا المشروع الطموح رؤية تتجاوز البعدين المحلي والإقليمي ليصبح مشروعًا عابرًا للحدود. يهدف هذا المشروع إلى ربط دول المنطقة بأوروبا، ليصبح ممرًا حيويًا للطاقة والبضائع ونقل الطاقة الكهربائية وكابلات الألياف الضوئية وتعزيز السياحة وتوطين الصناعات.

أهمية طريق التنمية:

  • بعد اقتصادي: تعزيز التجارة والاستثمار بين دول المنطقة وأوروبا.
  • بعد لوجستي: توفير ممر نقل فعال وسريع للبضائع والطاقة.
  • بعد تنموي: خلق فرص عمل وتنمية المجتمعات المحلية على امتداد مسار الطريق.
  • بعد استراتيجي: تعزيز الترابط الإقليمي وتعميق المصالح المشتركة.

ملفات حيوية: الطاقة والمياه في صلب المباحثات

شكلت ملفات الطاقة والمياه محورًا أساسيًا في المباحثات بين الجانبين، حيث تم التطرق إلى القضايا التالية:

  • الطاقة:
    • تصدير النفط عبر الأنبوب النفطي الممتد من إقليم كردستان العراق إلى تركيا وتجديد العقد الخاص به.
    • مستقبل تصدير الغاز العراقي واستيراد الغاز لتلبية احتياجات العراق في إنتاج الطاقة الكهربائية.
    • شراء 300 ميغاوات من تركيا مع السعي لزيادة هذه الكمية في المستقبل.
  • المياه:
    • التحديات التي تواجهها المنطقة بسبب الجفاف والانخفاض في نسبة المياه.
    • سبل إدارة هذه المسألة وتنفيذ مشاريع مائية في العراق بمشاركة الشركات التركية.
    • آليات الدفع الخاصة بهذه المشاريع، سواء من خلال النفط أو تضمينها في الموازنة القادمة.

القمة العربية في بغداد: دور محوري للعراق

تأتي هذه الزيارة في ظل استعدادات العراق لاستضافة القمة العربية في بغداد، حيث من المتوقع أن تحمل دعوة لأنقرة وطهران لحضور القمة كمراقبين أو ضيوف، نظرًا لتأثيرهما في القضايا العربية. يعكس هذا الدور المحوري للعراق رغبته في تعزيز الاستقرار الإقليمي وإيجاد حلول متوازنة للأزمات المختلفة.

الخلاصة: نحو شراكة استراتيجية مستدامة

تجسد زيارة السوداني إلى تركيا خطوة هامة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتأكيدًا على أهمية التعاون والتنسيق في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة. من خلال التركيز على الملفات الحيوية مثل الطاقة والمياه، ومشروع طريق التنمية الاستراتيجي، يسعى العراق وتركيا إلى بناء علاقات مستدامة تعود بالنفع على شعبي البلدين والمنطقة بأسرها.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *