الشرك: الخطر الخفي وكيف تحمي نفسك منه في زمن الماجريات

مقدمة: أهمية التوحيد في مواجهة الشرك

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

في زمن كثرت فيه الملهيات وتشتت الانتباهات، يغفل الكثيرون عن أعظم خطر يهدد دينهم ودنياهم: الشرك بالله. إنه تسوية المخلوق بالخالق في خصائصه وحقوقه، وهو أعظم الذنوب على الإطلاق، كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. فما أنزل الله الكتب ولا أرسل الرسل إلا لبيان التوحيد الخالص والتحذير من الشرك بشتى صوره.

خطورة الشرك الأكبر: ثلاثة أمور يجب أن تعرفها

يتميز الشرك الأكبر عن غيره من الذنوب بثلاثة أمور خطيرة:

  1. عدم المغفرة: الشرك هو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله لمن مات عليه دون توبة، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
  2. إحباط الأعمال: يبطل الشرك جميع الأعمال الصالحة التي قام بها الشخص، ويجعلها هباء منثورًا، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88].
  3. الخلود في النار: من مات على الشرك الأكبر فهو خالد مخلد في نار جهنم، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 6].

خوف السلف من الشرك: عبرة لنا

كان السلف الصالح يخافون على أنفسهم من الشرك، كبيره وصغيره، ويحرصون على تعلم التوحيد والتحذير من الشرك. فهذا إبراهيم التيمي، وهو من كبار التابعين، كان يقول: "من يأمن البلاء بعد خليل الله إبراهيم حين يقول: رب اجنبني وبني أن نعبد الأصنام؟" فإذا كان الخليل إبراهيم، وهو إمام الموحدين، يخاف من الشرك، فكيف يأمنه من هو دونه؟!

كيف تحمي نفسك من الشرك؟ خطوات عملية

لحماية نفسك من الشرك، عليك بالآتي:

  • تعلم التوحيد: ادرس التوحيد وأركانه وشروطه، وافهم معناه الحقيقي، وتعمق في كتب العقيدة.
  • الدعاء والتضرع: اسأل الله بصدق وإخلاص أن يجنبك الشرك، وأن يثبتك على التوحيد.
  • الاستغفار: استغفر الله من الشرك الخفي الذي قد لا تدركه، واحرص على قول هذا الدعاء العظيم الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم".
  • مراجعة النفس: تفقد قلبك وأعمالك باستمرار، وتأكد من أنها خالصة لله وحده، لا تشوبها شائبة من الرياء أو السمعة أو حب المدح والثناء.

خطر الإنشغال بالماجريات اليومية: غفلة عن الأهم

في زمننا هذا، يغفل الكثيرون عن خطر الشرك والتحذير منه، وينشغلون بالماجريات اليومية والأحداث المتسارعة، ويظنون أنهم في خضم عملية التغيير، وهم في الحقيقة مجرد متفرجين. وهذا من مكائد الشيطان، الذي يصرفهم عن تعلم التوحيد والدعوة إليه، وعن تزكية نفوسهم والعناية بأعمال القلوب.

خاتمة: العودة إلى الأولويات

فلنعد إلى أولوياتنا، ولنهتم بتعلم التوحيد والتحذير من الشرك، ولنحرص على تزكية نفوسنا وأعمالنا، ولنعمل في دائرة التأثير لا في دائرة الاهتمامات ولا في دائرة الماجريات والترندات.

نسأل الله أن يوفقنا جميعًا للزوم الجادة، وأن يجنبنا الشرك كله، صغيره وكبيره، ظاهره وباطنه.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *