العراق يئن تحت وطأة المناخ: الجفاف يهدد الثروة الحيوانية ويهجر المزارعين

العراق يئن تحت وطأة المناخ: الجفاف يهدد الثروة الحيوانية ويهجر المزارعين

العراق، مهد الحضارات وبلاد الرافدين، يواجه اليوم تحدياً وجودياً يهدد تاريخه وثقافته وسبل عيش سكانه. التغير المناخي والجفاف المستمر يقوضان دعائم الثروة الحيوانية، ويدفعان المزارعين إلى الهجرة، تاركين خلفهم أرضاً قاحلة ومستقبلاً مجهولاً.

تراجع أعداد الجواميس: قصة مؤلمة تعكس أزمة أعمق

في قلب الأهوار العراقية، حيث كانت الجواميس رمزاً للخصوبة والرخاء، تتكشف مأساة حقيقية. خلال العقد الماضي، انخفضت أعداد الجواميس إلى أقل من النصف، من 150 ألف رأس عام 2015 إلى أقل من 65 ألف رأس اليوم. هذا التراجع المروع ليس مجرد إحصائية، بل هو صرخة استغاثة من مجتمع يعتمد على هذه الحيوانات كمصدر رئيسي للدخل والغذاء.

  • أسباب التدهور:
    • نقص المياه: تراجع تدفق نهري دجلة والفرات، شرياني الحياة في العراق، يجفف الأهوار ويحرم الجواميس من بيئتها الطبيعية.
    • التلوث: تلوث المياه يؤثر سلباً على صحة الحيوانات ويقلل من إنتاجيتها.
    • الأمراض: انتشار الأمراض بسبب ضعف مناعة الحيوانات الناتج عن سوء التغذية والظروف البيئية القاسية.
    • العزوف عن التربية: قلة العائد المادي بسبب التغير المناخي وارتفاع تكاليف الأعلاف يدفع المزارعين إلى التخلي عن تربية الجواميس.

العراق: بين براثن الجفاف والتغير المناخي

العراق، الذي يصنف ضمن البلدان الخمسة الأكثر تأثراً بالتغير المناخي في العالم، يعاني من سنوات من الجفاف المستمر وأزمة مياه حادة. يعتمد العراق على أكثر من 70% من إيرادات المياه من خارج حدوده، ومع بناء دول الجوار، خاصة تركيا وإيران، للسدود والمشاريع المائية الكبرى، بات العراق يتلقى أقل من 50% من احتياجاته المائية.

  • تأثيرات الجفاف والتغير المناخي:
    • تدهور القطاع الزراعي: انخفاض حاد في إنتاج المحاصيل الزراعية وارتفاع أسعار الأعلاف.
    • هجرة المزارعين: ترك القرى والأراضي الزراعية والنزوح إلى المدن بحثاً عن فرص عمل أفضل.
    • نقص مياه الشرب: صعوبة الحصول على مياه الشرب النظيفة لملايين العراقيين.
    • تراجع المخزون المائي: انخفاض المخزون المائي الاستراتيجي إلى مستويات خطيرة.

أسباب جذرية للأزمة: نظرة أعمق

الأزمة المائية في العراق ليست مجرد مشكلة بيئية، بل هي نتيجة لتضافر عدة عوامل:

  • تغير المناخ: ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات هطول الأمطار.
  • بناء السدود: مشاريع السدود في تركيا وإيران تقلل من تدفق المياه إلى العراق.
  • تقنيات الري القديمة: استخدام تقنيات ري غير فعالة تؤدي إلى هدر كبير للمياه.
  • غياب خطط الإدارة طويلة الأجل: عدم وجود استراتيجية واضحة لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام.

جهود حكومية لمواجهة الأزمة: هل هي كافية؟

تسعى الحكومة العراقية إلى تنفيذ مشاريع لمواجهة أزمة النقص الحاد في المياه، وتشمل هذه الجهود:

  • الاتفاقيات مع دول الجوار: التفاوض مع تركيا وإيران لضمان حصة عادلة من المياه.
  • صيانة السدود والخزانات: ترميم وتحديث البنية التحتية المائية القائمة.
  • حملات التوعية: توعية المواطنين والمزارعين بأهمية ترشيد استهلاك المياه.
  • تطوير تقنيات الري الحديثة: تشجيع استخدام تقنيات الري الحديثة لتقليل الهدر.

ولكن، هل هذه الجهود كافية لإنقاذ العراق من كارثة مائية وشيكة؟

مستقبل العراق: بين الأمل والخطر

مستقبل العراق الزراعي والحيواني معلق بين الأمل في حلول مستدامة والخطر المحدق بالجفاف والتغير المناخي. يتطلب الأمر جهوداً مضاعفة وتعاوناً إقليمياً ودولياً لإنقاذ هذا البلد من كارثة إنسانية وبيئية لا يمكن تصورها. هل سينجح العراق في التغلب على هذه التحديات واستعادة خصوبة أرضه ورخاء شعبه؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على الإرادة السياسية والعمل الجاد والتخطيط المستدام.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *