مقدمة:
مع تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة السيستين، وإعلان الفاتيكان عن انتخاب الكاردينال بريفوست (الذي اتخذ اسم ليو الرابع عشر) كبابا جديد، تتجه الأنظار نحو الفاتيكان وتقاليد انتخاب البابا. وبعيدًا عن الطقوس الدينية، يثير فضول الكثيرين سؤال حول ما يأكله الكرادلة خلال فترة الكونكلاف، تلك الفترة الحاسمة التي يقضونها في عزلة تامة لانتخاب خليفة البابا.
الكونكلاف: بين الطقوس الدينية والقيود الغذائية:
إن عملية انتخاب البابا ليست مجرد حدث ديني، بل هي أيضًا حدث تاريخي وثقافي له قواعده وتقاليده الخاصة، بما في ذلك القيود الغذائية المفروضة على الكرادلة. هذه القيود ليست وليدة العصر الحديث، بل تعود جذورها إلى قرون مضت، وتحديدًا إلى القرن الثالث عشر، في محاولة لتسريع عملية الانتخاب وتقليل فرص الخلافات.
غريغوري العاشر و"النظام الغذائي المخفف": قصة الجوع والباباوات
تعود القصة إلى عام 1271، بعد انتخابات بابوية استمرت لما يقرب من ثلاث سنوات. وبعد انتخاب البابا غريغوري العاشر، تم وضع قواعد صارمة للكونكلاف، بما في ذلك قواعد غذائية تهدف إلى الضغط على الكرادلة لإتمام عملية الانتخاب في أسرع وقت ممكن. فإذا لم يتم انتخاب البابا خلال ثلاثة أيام، يتم تقديم وجبة واحدة فقط في اليوم للكرادلة. وإذا استمر التصويت لخمسة أيام دون نتيجة، يتم تقديم الخبز والماء والنبيذ فقط.
من الجوع كسلاح ضغط إلى نظام غذائي متوازن:
اليوم، تغير الوضع، ولم يعد الجوع يستخدم كسلاح ضغط. ومع ذلك، لا تزال هناك قيود غذائية مهمة، حيث يُحظر إدخال الوجبات من خارج مطابخ الفاتيكان. يهدف هذا الإجراء إلى الحفاظ على سرية الطقوس الانتخابية وحماية الكرادلة من أي محاولات للتأثير عليهم.
ماذا يأكل الكرادلة في الكونكلاف؟
على الرغم من السرية المحيطة بقائمة الطعام المخصصة للكرادلة، إلا أنه من المؤكد أنها تتكون من وجبات بسيطة ومتوازنة.
- الإفطار والغداء: وجبات خفيفة تعتمد على اللحوم البيضاء أو الأسماك مع الخضراوات الطازجة من حدائق الفاتيكان.
- العشاء: حبوب وخضراوات وفواكه موسمية وأسماك مخبوزة أو مطهية على البخار.
- الحلويات: تقتصر على البسكويت الجاف أو الفطائر البسيطة.
- المشروبات: النبيذ باعتدال، مع حظر المشروبات الروحية. ومن المثير للاهتمام حظر الهليون أيضًا.
"باستا الكونكلاف": طبق تقليدي على مائدة الكرادلة
يعتبر طبق "باستا الكونكلاف" من الأطباق التقليدية التي يتم تقديمها للكرادلة، وهو عبارة عن معكرونة بالزبدة وجبنة البارميزان.
الخلاصة:
إن النظام الغذائي للكرادلة خلال فترة الكونكلاف يعكس مزيجًا من التقاليد الدينية والقيود العملية. فالهدف هو توفير وجبات بسيطة ومغذية تساعد الكرادلة على التركيز واتخاذ قرار حاسم بشأن مستقبل الكنيسة الكاثوليكية. وبينما تتجه الأنظار إلى البابا الجديد، يبقى السؤال عن الطعام الذي تناوله الكرادلة خلال هذه الفترة جزءًا من تاريخ الكونكلاف وتقاليده العريقة.
اترك تعليقاً