غزة: شبح المجاعة يخيم على القطاع المحاصر – تحليل شامل وتداعيات كارثية

غزة: شبح المجاعة يخيم على القطاع المحاصر – تحليل شامل وتداعيات كارثية

كارثة إنسانية غير مسبوقة: غزة على شفا المجاعة

يعيش قطاع غزة اليوم أزمة إنسانية مروعة، تتجاوز كل الحدود المعروفة للمعاناة. ففي الوقت الذي يتوفر فيه الغذاء بوفرة في مناطق أخرى، يواجه سكان غزة، وخاصة الأطفال، خطر الموت جوعًا. هذا المقال يسلط الضوء على الأسباب الجذرية لهذه الكارثة، والتداعيات المدمرة على السكان، والجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين.

جذور الأزمة: حصار طويل الأمد وتدهور اقتصادي

قبل اندلاع الصراع الأخير في أكتوبر 2023، كان قطاع غزة يعاني بالفعل من وضع اقتصادي واجتماعي هش بسبب سنوات من الحصار. تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن:

  • انعدام الأمن الغذائي: أكثر من 68% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي.
  • الفقر: حوالي 61% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
  • البطالة: نسبة البطالة تصل إلى 45%.

هذا الوضع المزري جعل القطاع يعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية، مما جعله أكثر عرضة للصدمات الخارجية.

الحرب تفاقم الكارثة: تدمير ممنهج للبنية التحتية

مع اندلاع الحرب، تفاقمت الأوضاع بشكل كارثي. تم تدمير البنية التحتية الزراعية بشكل ممنهج، مما أدى إلى:

  • تدمير الأراضي الزراعية: أكثر من 75% من الأراضي الزراعية أُحرقت أو دُمرت.
  • خسائر فادحة في الثروة الحيوانية: أكثر من 96% من الماشية والدواجن نفقت.
  • تدمير بساتين الزيتون والفواكه: أكثر من ثلاثة أرباع البساتين دُمرت.

هذا التدمير الشامل قضى على الإنتاج المحلي الذي كان يغطي 40% من الاحتياجات الغذائية قبل الحرب. بالإضافة إلى ذلك، تضررت البنية التحتية للمياه والري، مما أدى إلى نقص حاد في المياه النظيفة.

استهداف المساعدات الإنسانية: سياسة التجويع كسلاح

لم يقتصر الأمر على تدمير البنية التحتية، بل تم استهداف مراكز توزيع المساعدات الغذائية وشاحنات الإغاثة بشكل مباشر. كما تم إغلاق المعابر لفترات طويلة، مما منع دخول المساعدات الضرورية.

  • استهداف مراكز توزيع المساعدات: تم استهداف 37 مركزًا لتوزيع المساعدات الغذائية.
  • استهداف شاحنات المساعدات: تم استهداف العديد من شاحنات المساعدات المحملة بالمواد الغذائية.
  • إغلاق المعابر: تكرر إغلاق المعابر لفترات طويلة، مما منع دخول المساعدات.

هذه الإجراءات أدت إلى نقص حاد في الغذاء وارتفاع جنوني في الأسعار، حيث ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين 500% و 700%.

شبح المجاعة يخيم على القطاع: أرقام مفزعة

تشير التقارير الميدانية إلى أن قطاع غزة يواجه كارثة مجاعة كاملة.

  • نقص حاد في الغذاء: القطاع بأكمله يعاني من نقص حاد في الغذاء.
  • ارتفاع معدلات سوء التغذية: ارتفاع مستويات سوء التغذية لدى الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.
  • وفيات بسبب الجوع: تم توثيق 57 حالة وفاة مرتبطة بالجوع، معظمهم من الأطفال.

الأرقام الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة مروعة:

  • أكثر من 3500 طفل تحت سن الخامسة يواجهون خطر الموت الوشيك جوعًا.
  • نحو 290 ألف طفل على حافة الهلاك.
  • 1.1 مليون طفل يفتقرون يوميًا إلى الحد الأدنى من الغذاء اللازم للبقاء على قيد الحياة.

التجويع جريمة حرب: القانون الدولي في مواجهة الواقع

جميع الأعراف الدولية تعتبر تجويع السكان جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. اتفاقية جنيف الرابعة تحظر صراحةً "استخدام الجوع كسلاح". وقد أكدت المحكمة الجنائية الدولية أن تجويع المدنيين يعاقب عليه ضمن جرائم الحرب.

التحركات الدولية: هل تكفي لوقف الكارثة؟

فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقًا في جرائم الحرب المرتكبة في غزة، وأصدرت أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين. كما أنشأت الأمم المتحدة لجنة تحقيق لمراقبة الانتهاكات. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الإجراءات غير كافية لوقف الكارثة، خاصة مع استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل.

دعوة للتحرك العاجل: الضمير الإنساني على المحك

الأزمة في غزة ليست مجرد صراع عابر، بل هي اختبار حقيقي للضمير الإنساني العالمي. يجب على المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل لإنقاذ حياة الأبرياء، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة. على المنظمات الدولية، وخاصة منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، تبني مواقف قوية لمقاضاة المسؤولين في المحافل الدولية. بالإضافة إلى ذلك، يجب تصعيد ضغوط المجتمع المدني لإرغام صانعي القرار على الالتفات للمأساة.

كما قال مفوض الأونروا فيليب لازاريني: "الإنسانية في غزة تمر بأحلك ساعاتها". الوقت ليس في صالح ضحايا هذه الكارثة، والعالم مطالب بالتحرك الآن قبل فوات الأوان.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *