بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشام أرضًا مباركة، واختارها ليكون فيها الطائفة المنصورة، وجعلها مأوى الأنبياء، ومسكن الأخيار والصالحين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإني أكتب عن فضل الشام وأهلها، وما جاء في ذلك من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من طرق كثيرة ما يبين مكانة هذه الأرض المباركة وما خصها الله به من الخير والبركة.
فضل الشام وأهلها
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، ولا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة”، فهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما، وهو دليل واضح على فضل أهل الشام، وأنهم أهل الثبات على الحق، وأنه ما داموا على خير، فإن في الأمة خيرًا.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن مكانة الشام فقال: “عليك بالشام؛ فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه”. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله تكفل لي بالشام وأهله”، وهذه بشارة عظيمة بأن الله عز وجل جعل أهل الشام في كنفه ورعايته.
الشام في الفتن وآخر الزمان
أما في سياق الفتن، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ستصير الأمور إلى أن تكونوا جنودًا مجندة: جندٌ بالشام، وجندٌ باليمن، وجندٌ بالعراق.” قال ابن حوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك، فقال: عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده.”
وهذا الحديث أخرجه أبو داود وأحمد، وفيه دلالة على أن الشام ستكون ملجأ للمسلمين في أوقات الفتن، وأن الله عز وجل يختار أهلها من خيار عباده.
وفي الحديث أيضًا أن الشام ستكون موضع الملحمة الكبرى في آخر الزمان، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة، إلى جانب مدينة يقال لها دمشق، من خير مدائن الشام.”
بركة الشام
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة للشام، فقال: “اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا.”، وأخبر أن البركة في الشام واليمن، أما نجد فقد أشار إلى أنها موضع الفتن والزلازل، فقال: “هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان.”
الشام في الكتاب والسنة
وأما في القرآن الكريم، فإن الله عز وجل ذكر بركة هذه الأرض في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]، فجعل الله البركة حول المسجد الأقصى، وهو في الشام.
وكذلك قوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 71]، وهذه الأرض هي أرض الشام.
واجبنا نحو الشام وأهلها
إن الشام بما حباها الله من البركات والخيرات تستحق منا أن ندعو لأهلها بالثبات على الحق، وأن ننصرهم إذا أصابهم ضعف أو احتاجوا إلى العون. فهي أرض الأنبياء والصالحين، وفيها ستدور أعظم أحداث آخر الزمان.
نسأل الله أن يحفظ أهل الشام، ويجعلهم على الحق ثابتين، وفي سبيله مجاهدين، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه: عبد الله الراجي عفو ربه، المستعين بهديه وسنته.
اترك تعليقاً