فضل ذي القعدة: شهر الاستعداد للخيرات ومضاعفة الحسنات


ذو القعدة: بوابة الخيرات وعظمة الأشهر الحرم

الحمد لله الذي جعل لنا مواسم للخير، وشهورًا نتقرب فيها إليه. ها نحن نستقبل شهر ذي القعدة، أحد الأشهر الحرم التي خصها الله بالفضل، وأمرنا بتعظيمها. قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ…} [التوبة: 36].

وقد كان للعرب في الجاهلية تقدير لهذا الشهر، حيث كانوا يتوقفون فيه عن القتال، ثم جاء الإسلام ليؤكد على هذا التعظيم ويزيد فيه.

ذو القعدة: فرصة للتوبة والاستغفار

أيها المسلم، اجعل شهر ذي القعدة فرصة للتقرب إلى الله بالدعاء والتضرع والاستغفار، وتذكر أن هذا الشهر هو أحد أشهر الحج، كما قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ…} [البقرة: 197]. وقد ذكر ابن عمر رضي الله عنهما أن أشهر الحج هي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.

الاستعداد لعشر ذي الحجة:

  • تجديد النية: استقبل هذا الشهر بنية خالصة للتقرب إلى الله.
  • الإكثار من الاستغفار: طهر قلبك من الذنوب والمعاصي.
  • الاستعداد البدني والروحي: هيئ نفسك لاستقبال عشر ذي الحجة بالصيام والقيام والذكر.

فضل ذي القعدة في السنة النبوية

ورد في السنة النبوية ما يدل على فضل هذا الشهر، فقد روى أبو بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ».

هذا التخصيص من النبي صلى الله عليه وسلم يدل على مكانة هذا الشهر وفضله، مما جعل السلف الصالح يعظمونه ويجتنبون فيه الظلم.

أحداث تاريخية في شهر ذي القعدة

شهد شهر ذي القعدة أحداثًا مهمة في تاريخ الإسلام، منها:

  • بيعة الرضوان: التي أثنى الله بها على المؤمنين.
  • عمرة الحديبية: التي كانت بداية لفتح مكة.
  • عمرات النبي صلى الله عليه وسلم: حيث اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم أربع عمرات، كلها في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجة الوداع.

اغتنام ذي القعدة في الطاعات

شهر ذي القعدة هو فرصة عظيمة للإكثار من الطاعات والعبادات، والمسارعة إلى الخيرات، قال تعالى: {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61].

كيف نغتنم شهر ذي القعدة؟

  1. الاجتهاد في الطاعات: من صلاة وصيام وصدقة وذكر.
  2. تجنب المعاصي: والبعد عن كل ما يغضب الله.
  3. استشعار عظمة الزمان: الذي عظمه الله.
  4. التوبة النصوحة: والرجوع إلى الله بقلب سليم.

ذنوب الخلوات: خطر عظيم

إياك وذنوب الخلوات، فإنها امتحان لصدقك مع الله، قال تعالى: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]. فالمعصية في الخفاء ليست خفية على الله، فإذا سترك الله، فلا تقابل ستره بانتهاك حدوده.

الخلاصة

شهر ذي القعدة هو شهر عظيم، وشهر الاستعداد لأيام عظيمة، فلنجتهد فيه في الطاعات، ولنتجنب فيه المعاصي، ولنستشعر عظمة الله في كل لحظة، رجاء أن نكون من الفائزين برضا الله وجنته.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *