كيف يتغلّب القرآن الكريم على الضغط النفسي المزمن؟
تُعاني البشرية من ضغوط نفسية مزمنة تُهدد صحتها النفسية والجسدية، ولكن هل وجدتَ في كتاب الله عز وجلّ علاجًا ناجعًا لهذه المعضلة؟ نعم، ففي سطوره الكريمة، وقصصه العظيمة، يكمن سرّ التخلّص من هذا الضغط والوصول إلى السكينة والطمأنينة. دعونا نتعلّم من القرآن الكريم، وكيف يُساعدنا على مواجهة الضغوط النفسية المزمنة.
قصة يعقوب عليه السلام: درسٌ في الصبر واليقين
تُجسّد قصة يعقوب عليه السلام، مع ابنه يوسف، أروع مثال على الصبر في مواجهة المصائب. فقد تألّم يعقوب لفقدان يوسف، وتكرّر هذا الألم مع فقدان بنيامين. يقول تعالى: ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَا عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84]. ولكن، لم يستسلم يعقوب ليأسٍ مُزمن، بل ثابر على الصبر، واعتمد على الله عز وجلّ، وهذا ما يُمثل العلاج الأول للضغط النفسي المزمن.
فهم الضغط النفسي المزمن: منظور قرآني
يُعرّف علم النفس الغربي الضغط النفسي المزمن بأنه رد فعل متعدد الأبعاد لأحداث لا يُمكن تغييرها، مصحوبًا بشعور بالعجز وعدم القدرة على حل المشكلة. أما من منظور قرآني، فإن الضغط النفسي المزمن هو حالة من اليأس والقنوط المُستمرّة، نتيجة مصيبةٍ أو بلاءٍ، يُمكن أن يكون اختبارًا إلهيًا لزيادة الإيمان، أو كفارةً للذنوب.
المصيبة، البلاء، والعقوبة: فهمٌ دقيق
للفهم الأعمق، يجب التمييز بين المصيبة، البلاء، والعقوبة:
- المصيبة: كل ما يُصيب الإنسان في حياته.
- البلاء: مصيبةٌ خاصةٌ تُختبر بها صبر العبد وصدق إيمانه.
- العقوبة: مصيبةٌ نتيجة ذنبٍ، وتكون إما مُخففة (كفارة) أو مُغلظة (عقاب).
تعريفٌ شامل للضغط النفسي المزمن من منظور قرآني
بناءً على ما سبق، يُمكن تعريف الضغط النفسي المزمن بأنه حالة يأس وقنوط مُستمرّة، نتيجة مصيبةٍ (بلاء أو عقوبة مُخففة)، يُعجز العبد عن مواجهتها. أعراضه الجسدية والنفسية ليست إلا شكوى ذلك القلب القانط.
طرق التعامل مع الضغط النفسي المزمن من خلال القرآن الكريم
يُقدم القرآن الكريم العديد من الوسائل للتغلب على الضغط النفسي المزمن، أهمها:
1. نهل الحكمة من القرآن الكريم وقصصه:
يُختصر المرء عمر آلاف السنين من خلال تدبر القصص القرآنية، ففيها حكمةٌ عظيمةٌ تُساعد على رؤية الحياة بمنظورٍ سليم.
2. التجمع والجلوس مع الناس الصالحة:
التواصي بالحق والصبر مع الصالحين يُزيد من الإيمان ويُعزز الثقة بالله.
3. محاربة التسويف:
التسويف يُؤدي إلى تراكم المشاكل وزيادة اليأس. يجب المبادرة وعدم تأجيل الأعمال الصالحة.
4. الصبر:
الصبر هو تجرُّع المرارة من غير تعبُّس، وهو الاستعانة بالله.
5. حسن الظن بالله:
حسن الظن بالله عز وجلّ هو سرّ الرضا والطمأنينة، وسوء الظن يُؤدي إلى اليأس والقنوط.
6. معرفة الله عز وجل:
التأمل في أسماء الله وصفاته يُمنح القلب سكينةً وطمأنينةً عظيمة.
الخاتمة
لا يُمكن التخلص من البلاء، لكن يُمكن التغلّب على اليأس والقنوط من خلال الاستعانة بالله، والصبر، وحسن الظن، وتدبر كتاب الله عز وجلّ. غايتنا ليست التخلّص من البلاء، بل النجاح في اختبار الحياة، وتحقيق مقام العبودية.
المراجع
- القرآن الكريم.
- تفسير فتح القدير، محمد بن علي الشوكاني.
- موسوعة الأخلاق والزهد والرقائق، ياسر عبد الرحمن.
- عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ابن القيِّم الجوزية.
- فقه الابتلاء، أبو فيصل البدراني.
- Andrew Huberman: tools for managing stress and anxiety
- Stress facts and theories – literature review
اترك تعليقاً