هل نتعاطف مع المجموعات أكثر من الأفراد؟ نظرة علمية على التحيزات العاطفية
في عالم معقد مليء بالتحديات الإنسانية، يبرز سؤال جوهري: هل نميل بطبيعتنا إلى التعاطف مع المجموعات البشرية أكثر من الأفراد؟ دراسة حديثة ألقت الضوء على هذا التوجه المثير للدهشة، كاشفة عن تفضيلاتنا العاطفية الخفية.
التعاطف: نعمة أم عبء؟
التعاطف، تلك القدرة الرائعة على فهم ومشاركة مشاعر الآخرين، غالبًا ما يُنظر إليها على أنها فضيلة إنسانية أساسية. لكن، ماذا لو كان التعاطف في بعض الأحيان يمثل عبئًا نفسيًا؟ هذا ما تشير إليه نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلة "فرونتيرز في سيكولوجي"، والتي قادها باحثون من السويد.
تفاصيل الدراسة: نظرة عن كثب
شملت الدراسة 296 مشاركًا خضعوا لاختبار بصري مثير للاهتمام. تم عرض صور لأفراد وصور لمجموعات عليهم، بالتزامن مع مطالبتهم إما بالتعاطف مع الأشخاص في الصور أو بالبقاء محايدين.
- المنهجية: طُلب من المشاركين وصف مشاعر أو مظاهر الأشخاص في الصور بثلاث كلمات رئيسية، ثم تقييم الجهد المبذول في التعاطف ومدى إرهاقهم.
- النتائج: كشفت النتائج عن ميل واضح نحو الموضوعية عند التعامل مع صور الأفراد، بينما أظهر المشاركون استعدادًا أكبر للتعاطف مع صور المجموعات.
لماذا نفضّل التعاطف مع المجموعات؟
تثير هذه النتائج تساؤلات عميقة حول طبيعة التعاطف البشري. لماذا نميل إلى التعاطف مع المجموعات أكثر من الأفراد؟
- الجهد المبذول: أظهرت الدراسة أن التعاطف، سواء مع الأفراد أو المجموعات، يُنظر إليه على أنه يتطلب جهدًا أكبر ويشعر الأفراد أنه أمر مؤلم.
- تفضيلات التعاطف: أوضحت الدكتورة هاجدي موشي من جامعة لينشوبينغ أن رغبة الناس في التعاطف تختلف حسب الطرف الآخر، حيث يكونون أكثر ميلاً للتعاطف مع مجموعة.
- الإحصائيات: أظهرت الدراسة أن 34% فقط من المشاركين اختاروا التعاطف مع الأفراد، بينما ارتفعت النسبة إلى 53% عند عرض صور المجموعات، على الرغم من اعترافهم بصعوبة وإزعاج التعاطف أحيانًا.
صعوبة التعاطف مع الأفراد
تشير الدكتورة موشي إلى أن التعاطف يتطلب بذل جهد لتخيل مشاعر الآخرين وفهم ما يشعرون به، وليس مجرد ملاحظة مظهرهم الخارجي. هذا قد يكون أكثر صعوبة عندما تكون المعلومات المتوفرة محدودة، مثل تعبيرات وجه محايدة، دون لغة جسد أو سياق واضح.
آفاق مستقبلية
تقترح الدكتورة موشي أن تتناول الدراسات القادمة مقارنة مباشرة بين صور الأفراد والمجموعات لفهم تفضيلات الناس في التعاطف بشكل أفضل.
"بهذه الطريقة يمكننا أن نحصل على فهم أوضح حول تفضيلات الناس في التعاطف، وما إذا كانوا يتعاطفون أكثر مع الأشخاص أم مع الجماعات."
الخلاصة
تكشف هذه الدراسة عن جانب معقد من طبيعتنا العاطفية. بينما يمثل التعاطف قوة دافعة للخير في العالم، فإنه ليس دائمًا سهلًا أو بديهيًا. فهم هذه التحيزات العاطفية يمكن أن يساعدنا على تطوير استراتيجيات لتعزيز التعاطف مع الجميع، بغض النظر عن حجم المجموعة التي ينتمون إليها.
اترك تعليقاً