آداب الطعام النبوية: أفضل هيئة للجلوس وفضل استيعاب الطعام


مقدمة: اتباع هدي النبي ﷺ في آداب الطعام

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. إن اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤون حياتنا هو سبيل الفلاح والنجاح، ومن بين هذه الشؤون، آداب الطعام التي حث عليها ديننا الحنيف. في هذا المقال، نستعرض الهيئة المستحبة للجلوس أثناء تناول الطعام، وأهمية استيعاب الطعام وعدم إهداره، معتمدين على السنة النبوية المطهرة وأقوال العلماء الأجلاء.

الهيئة المستحبة للجلوس أثناء الأكل: اقتداء بالنبي ﷺ

ورد في السنة النبوية ما يدل على أن أفضل هيئة للجلوس أثناء تناول الطعام هي الجثو على الركبتين. وقد استدل العلماء على ذلك بحديث الأعرابي الذي رواه ابن ماجه والطبراني، وفيه:

«وَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَصْعَةٌ يُقَالُ لَهَا: الْغَرَّاءُ، يَحْمِلُهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا، وَسَجَدُوا الضُّحَى، أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ … فَالْتَفُّوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرُوا، جَثَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَأْكُلُ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا».

وقد شرح الحافظ ابن حجر في فتح الباري هذا الحديث، مستنبطًا منه أن المستحب في صفة الجلوس للآكل أن يكون جاثيًا على ركبتيه، مع ظهور القدمين. أو أن ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى.

ملخص هيئات الجلوس المستحبة:

  • الجثو على الركبتين: مع ظهور القدمين.
  • نصب الرجل اليمنى والجلوس على اليسرى: وهي هيئة أخرى مستحبة.

فوائد هيئة الجثو أثناء الأكل

ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه "الطب النبوي" أن هذه الهيئة هي أنفع هيئات الأكل وأفضلها، وذلك للأسباب التالية:

  • الراحة الجسدية: تكون الأعضاء كلها على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله عليه.
  • الأدب والتواضع: فيها تواضع لله عز وجل وأدب بين يديه، واحترام للطعام وللمؤاكل.
  • تحسين عملية الهضم: الأكل في هذه الهيئة يساعد على الهضم بشكل أفضل.

أهمية استيعاب الطعام وعدم إهداره

حث الإسلام على الحفاظ على الطعام وعدم إهداره، وذلك لما في ذلك من النعم التي أنعم الله بها علينا. وقد وردت أحاديث نبوية تحث على ذلك، منها:

  • حديث لعق الأصابع والصحفة: فقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سقطت لقمة أحدكم، فليمط عنها الأذى وليأكلها، ولا يدعها للشيطان".
  • حديث البركة في الطعام: قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ البَرَكَةُ".

تنبيه هام:

انتشرت بعض الأحاديث الضعيفة التي تدعو إلى ترك بقية الطعام والشراب، ولكن العلماء بينوا ضعف هذه الأحاديث وعدم جواز العمل بها.

الخلاصة: لا تترك بقية الطعام إلا لمبرر

لا ينبغي ترك بقية الطعام أو الشراب دون مبرر، كأن يتركه لمن ينتفع به، أو يتركه خشية ضرره. فالحفاظ على الطعام وعدم إهداره من تعاليم ديننا الحنيف.

الأدعية المأثورة بعد الطعام

من المستحب بعد الانتهاء من تناول الطعام أن يدعو المسلم بالأدعية المأثورة، مثل:

  • "الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة".
  • "اللهم لك الحمد أطعمت وأسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت فلك الحمد على ما أعطيت".

يجوز الدعاء بهذه الأدعية كلها أو بما تيسر منها، والأمر في ذلك واسع -إن شاء الله تعالى-؛ لأنها ليست واجبة.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *