أحكام النحر والذبح: دليل شامل ومفصل للأضحية والهدي


مقدمة

في هذا المقال، سنتناول أحكام النحر والذبح في الإسلام، مع التركيز على الأضحية والهدي. سنستعرض الصفة الشرعية لكل منهما، والآداب المتعلقة بهما، والأوقات المحددة للذبح، بالإضافة إلى الأحكام المرتبطة بالتسمية على الذبيحة. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل ومفصل للمسلمين حول هذه الأحكام الهامة.

أولًا: صفة التضحية ببهيمة الأنعام (الذبح والنحر)

المسألة الأولى: السنة في نحر الإبل

السنة في نحر الإبل أن تكون قائمة معقولة يدها اليسرى، ثم يطعنها الذابح بالسكين أو الحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر. هذا الأسلوب هو الأسهل لخروج الروح.

  • الدليل من القرآن: قوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]. ومعنى "وجبت" أي سقطت على الأرض.
  • الدليل من السنة: فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى زياد بن جبير قال: «رأيت ابن عمر -رضي الله عنهما-، أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها قال: ابعثها قيامًا مقيدة سنة محمد -صلى الله عليه وسلم-».

تنبيه: إذا لم يتيسر النحر بهذه الصفة، فلا حرج أن ينحرها كيفما شاء.

المسألة الثانية: السنة في ذبح غير الإبل

السنة في ذبح البقر والغنم أن تكون على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة.

  • الدليل من القرآن: عموم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67].
  • الدليل من السنة: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «ضحى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بكَبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا».

المسألة الثالثة: حكم ذبح الإبل ونحر البقر والغنم (والعكس)

يجوز ذبح ما ينحر، أو نحر ما يذبح، لأنه لم يتجاوز محل الذكاة.

  • الدليل من السنة: عموم حديث رافع بن خديج -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكل».

ثانيًا: ما يقال عند الذبح أو النحر

المسألة الأولى: حكم التسمية على الهدي أو الأضحية

اختلف العلماء في حكم التسمية على الذبيحة على ثلاثة أقوال:

  • القول الأول: أن التسمية عند الذبح واجبة، وهو القول المشهور في المذهب الحنبلي وقول جمهور أهل العلم.
    • الدليل: قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121].
    • تنبيه: إذا نسي التسمية أو جهلها، فإنها تحل.
  • القول الثاني: أن التسمية عند الذبح سنة، وهو رواية عن أحمد ومذهب الشافعية.
    • الدليل: حديث البخاري أن جارية لكعب بن مالك ذبحت شاة بحجر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأكلها.
    • الدليل: إباحة ذبائح أهل الكتاب مع أنهم لا يذكرون التسمية.
  • القول الثالث: أنها شرط ولا تسقط بحال، لا سهوًا ولا عمدًا ولا جهلًا، وهو مذهب الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
    • الدليل: عموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286].
    • الدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكل».

المسألة الثانية: حكم قول غير التسمية عند الذبح

  • قول "الله أكبر": سنة وليس بواجب.
  • قول "اللهم هذا منك ولك": لما ثبت في حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله عند ذبح الأضحية.
    • معنى "اللهم هذا منك": أي هذه الذبيحة من فضلك وعطائك ورزقك.
    • معنى "ولك": أي إخلاصًا وتعبدًا.
  • الأفضل: قول "بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني".

ثالثًا: من يذبح الأضحية

المسألة الأولى: السنة أن يتولى ذبح الهدي والأضحية صاحبها

الأفضل أن يتولى صاحب الذبيحة – هديًا كانت أو أضحية – ذبحها بنفسه.

  • الدليل من السنة: حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين ذبحهما بيده.
  • الدليل من السنة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر في حجة الوداع بيده ثلاثًا وستين بدنة.
  • التعليل: لأن فعله قربة، وتولي القربة بنفسه أولى من الاستنابة فيها.

المسألة الثانية: توكيل صاحب الأضحية من يذبحها عنه

إن وكل في ذبح هديه أو أضحيته فلا بأس.

  • الدليل من السنة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثًا وستين بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر.
  • الأفضل: إذا استناب فينبغي له أن يحضر ذبح هديه أو أضحيته.
  • تنبيه: يستحب ألا يذبح الأضحية إلا مسلم.

رابعًا: وقت الذبح ابتداءً وانتهاءً

المسألة الأولى: أول وقت الذبح

الأضحية عبادة لها وقت لا تصح إلا فيه، وهو من بعد صلاة العيد.

  • الدليل من السنة: حديث البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ضحى قبل الصلاة، فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين».
  • تنبيه: أهل البوادي والأماكن التي لا تقام فيها صلاة العيد يبدأ وقت الذبح في حقهم بعد مضي قدر زمن صلاة العيد.
  • الأفضل: أن يبادر بالذبح بعد صلاة العيد، ثم يكون أول ما يأكل يوم العيد من أضحيته.

المسألة الثانية: آخر وقت الذبح

في المسألة خلاف على قولين:

  • القول الأول: أن آخر أيام الذبح آخر اليوم الثاني من أيام التشريق، وهو الصحيح من المذهب الحنبلي وقول جمهور أهل العلم.
    • الدليل: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث».
    • الرد على هذا الاستدلال: أن نهيه صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث لا يدل على أن أيام الذبح ثلاثة فقط.
  • القول الثاني: أن آخر وقت الذبح آخر يوم من أيام التشريق، وهو رواية عن الإمام أحمد ومذهب الإمام الشافعي.
    • الدليل: حديث جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل فجاج منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح».
    • الدليل: حديث نبيشة الهذلي -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله».
    • الترجيح: هذا القول هو المفتى به.

المسألة الثالثة: حكم الذبح في الليل

في المسألة خلاف على قولين:

  • القول الأول: أن الذبح ليلًا لا يجزئ، وهو رواية عن أحمد وقول الإمام مالك.
    • الدليل:

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *