أخذ اليد في السنة النبوية: دليل على المحبة والتوجيه

أخذ اليد في السنة النبوية: دليل على المحبة والتوجيه

يُظهر لنا التاريخ الإسلامي، من خلال السنة النبوية الشريفة، العديد من المواقف التي تُبرز أهمية أخذ اليد في تعليم العلم، وتوجيه المبتدئين، ومرافقة الكبار. فهذه الحركة البسيطة تحمل في طياتها دلالات عميقة على المحبة، والرحمة، والتوجيه، والاهتمام بالآخر. سنستعرض في هذا المقال بعض الروايات التي تُبرز هذه السنة النبوية، ونُبين أهميتها من منظور تربوي واجتماعي.

أخذ اليد في تعليم القرآن الكريم:

يُروى عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهُّد كما يعلمني السورة من القرآن" (البخاري 6265). تُبرز هذه الرواية اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم الصحابة، حتى في أبسط الأمور كالتشهّد، وأخذ اليد يُضفي على هذه العملية بعدًا إنسانيًا دافئًا، يعكس حنان الأب على أبنائه. كما يُروى عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه بيده ليعلمه سورة من القرآن (البخاري 4474). هذه الأفعال ليست مجرد مصادفات، بل هي جزء من منهج تربوي يُركز على التواصل الإنساني المباشر، والتفاعل الحسي بين المعلم والمتعلم.

أخذ اليد في المشي والتوجيه:

لم يقتصر أخذ اليد على تعليم القرآن فقط، بل امتد ليشمل جوانب الحياة المختلفة. فقد روى البخاري (285) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه لقيه النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيده، فمشى معه حتى قعد. وكذلك روى أحمد بن حنبل في مسنده (20787) عن بشير بن الخصاصية رضي الله عنه أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذًا بيده، وروى أبو داود (2369) عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه مشى مع النبي عليه الصلاة والسلام وهو آخذٌ بيده. هذه الروايات تُظهر أن أخذ اليد كان عادةً في مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم، مما يُعكس الودّ والمودة بينه وبين صحابته، وحرصه على رعايتهم وتوجيههم.

أخذ اليد كعادةٍ سائدةٍ بين الصحابة:

لم يقتصر أخذ اليد على النبي صلى الله عليه وسلم فقط، بل امتد ليصبح سنةً سائدةً بين الصحابة الكرام. فقد روى مالك في الموطأ (2/ 574) عن نُفيع أنه رأى عثمان بن عفان آخذًا بيد زيد بن ثابت رضي الله عنهما. وروى ابن أبي شيبة عدة روايات تُبين أخذ الرفاق بأيدي بعضهم في مواقف مختلفة، كطواف الكعبة وتعليم بعض الأدعية والأذكار. هذا يُشير إلى أن هذه السنة كانت متأصلة في ثقافة الصحابة، مما يُبرز أهميتها في بناء علاقاتٍ اجتماعيةٍ قويةٍ ومبنية على المحبة والاحترام المتبادل.

الخاتمة:

تُظهر لنا هذه الروايات أن أخذ اليد ليس مجرد فعلٍ بدني، بل هو رمزٌ للمحبة، والتوجيه، والرعاية، والاحترام. فهو يعكس عمق العلاقة بين المعلم والمتعلم، والكبير والصغير، وهو يُمثل سنةً نبيلةً يستحسن الاقتداء بها في حياتنا اليومية. فبإمكاننا أن نُطبق هذه السنة في تعاملنا مع أبنائنا وإخواننا وأصدقائنا، مُعززين بذلك روابط المحبة والتآلف بيننا.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *