أزمة الغاز الأردنية: قطع الإمدادات الإسرائيلية يثير غضبًا ودعوات لإلغاء الاتفاقية

أزمة الغاز الأردنية: قطع الإمدادات الإسرائيلية يثير غضبًا ودعوات لإلغاء الاتفاقية

مقدمة: تداعيات قطع الغاز الإسرائيلي على الأردن

أثار قرار إسرائيل المفاجئ بقطع إمدادات الغاز الطبيعي عن الأردن، في خضم التوترات الإقليمية، عاصفة من الجدل السياسي والاقتصادي حول اتفاقية الغاز الموقعة بين البلدين عام 2016. هذه الخطوة، التي جاءت دون سابق إنذار، أعادت إلى الواجهة المخاوف المتعلقة بسيادة الطاقة والاعتماد على مصدر إمداد خارجي في ظل الظروف الجيوسياسية المتقلبة.

اتفاقية الغاز الأردنية الإسرائيلية: جدل مستمر

لطالما كانت اتفاقية الغاز، التي أبرمت عبر شركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية لاستيراد الغاز من حقل "لفياثان" في السواحل المحتلة، موضع خلاف عميق في الأردن. يرى معارضوها أنها تمثل تطبيعًا اقتصاديًا قسريًا، وتقوض سيادة القرار الوطني، وتعرض أمن الطاقة للخطر بوضعه في يد "خصم استراتيجي".

تداعيات مباشرة: وقود بديل وتكاليف إضافية

أجبر وقف إمدادات الغاز الأردن على اللجوء إلى استخدام الوقود الثقيل والديزل، وهما خياران مكلفان ولهما آثار بيئية سلبية. يفاقم هذا الوضع الصعب التحديات التي تواجهها شركة الكهرباء الأردنية، التي تعاني بالفعل من مديونية متصاعدة. تشكل واردات الغاز من إسرائيل ركيزة أساسية لتوليد الكهرباء في الأردن، مما يجعل أي انقطاع في الإمدادات يمثل أزمة حقيقية.

تحركات حكومية: البحث عن حلول بديلة

في مواجهة هذه الأزمة، سارعت الحكومة الأردنية إلى تفعيل خطط بديلة لضمان استدامة التيار الكهربائي وتجنب انقطاعه عن المواطنين والمؤسسات الحيوية. وأقر وزير الطاقة والثروة المعدنية بتكبد الحكومة لكلفة مالية إضافية كبيرة نتيجة تعويض النقص في كميات الغاز الطبيعي.

أصوات معارضة: دعوات لإلغاء الاتفاقية وتحقيق السيادة على الطاقة

تصاعدت الأصوات الحزبية والنقابية والبرلمانية والشعبية المطالبة بإلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل وتحقيق السيادة الوطنية على ملف الطاقة. أكد المتحدثون في مؤتمر صحفي نظمته "الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني" أن استمرار الاتفاقية يشكل تهديدًا للأمن الوطني والاقتصادي والسياسي، ويجعل المملكة عرضة للضغوط.

بدائل الطاقة: خيارات متاحة للأردن

أشار الدكتور هشام البستاني، المنسق العام لحملة "غاز العدو احتلال"، إلى أن الأردن يمتلك بدائل هائلة في مجال الطاقة، بما في ذلك:

  • احتياطيات ضخمة من الصخر الزيتي: يمتلك الأردن ثالث أكبر احتياطي في العالم من الصخر الزيتي.
  • احتياطيات الغاز: يمكن استخراج وتطوير احتياطيات الغاز المحلية، خاصة في حقل الريشة.
  • الطاقة الشمسية: يعتبر الأردن من أفضل بلدان العالم في مجال الطاقة الشمسية.
  • ميناء الغاز المسال: يمتلك الأردن ميناء للغاز المسال في مدينة العقبة، مما يسهل استيراد الغاز من أي مكان في العالم.

مطالب برلمانية: إلغاء الاتفاقية ومقاضاة إسرائيل

أكد النائب صالح العرموطي، رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي البرلمانية، أن توقف إسرائيل عن تزويد الأردن بالغاز الطبيعي يمثل مسوغًا قانونيًا لإلغاء الاتفاقية ومطالبة إسرائيل بتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بالمملكة.

نظرة على مصادر الغاز الأردنية

وفقًا لخبراء الطاقة، يعتمد الأردن على أربعة مصادر لتأمين احتياجاته من الغاز:

  1. الغاز المستورد من إسرائيل: بموجب اتفاقية 2016.
  2. الغاز المنتج محليًا من حقل الريشة: بكميات محدودة.
  3. الغاز المسال المستورد: عبر ميناء العقبة.
  4. مصادر أخرى: بكميات ضئيلة.

اتفاقية الغاز: نظرة تفصيلية

تم توقيع اتفاقية الغاز بين الأردن وإسرائيل عام 2016، وبدأ العمل بها عام 2020 لمدة 15 سنة. تشترط الاتفاقية شراء الأردن لكامل الكمية المتعاقد عليها، والبالغة 45 مليار متر مكعب، بقيمة إجمالية تقديرية تبلغ 10 مليارات دولار. على الرغم من قرار مجلس النواب الأردني بالإجماع برفض الاتفاقية في عام 2019، إلا أن المحكمة الدستورية قضت بأنها لا تتطلب موافقة المجلس لأنها موقعة بين شركتين حكوميتين.

الخلاصة: مستقبل الطاقة في الأردن

يبقى السؤال المطروح: هل ستدفع هذه الأزمة الأردن إلى إعادة النظر في استراتيجيته المتعلقة بالطاقة، والتحرك نحو تحقيق سيادة أكبر على مصادرها، وتقليل الاعتماد على مصادر خارجية غير مستقرة؟ الوقت كفيل بالإجابة.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *