فضل العشر من ذي الحجة: كنوز مضاعفة تنتظرك
من نعم الله علينا أن وهبنا مواسم للخير، فرصًا سانحة لزيادة الرصيد الإيماني والتقرب إليه سبحانه وتعالى. ومن بين هذه النفحات الربانية، تبرز أيام العشر من ذي الحجة كأفضل أيام الدنيا على الإطلاق، لما لها من فضل عظيم ومكانة رفيعة في الشريعة الإسلامية.
آيات بينات وأحاديث نبوية في فضل العشر
لقد تجلى فضل هذه الأيام المباركة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة:
- في القرآن الكريم: أقسم الله بها في كتابه العزيز، دلالة على أهميتها وعظمتها: "{وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}" [الفجر: 1، 2]، حيث فسرها ابن كثير بأنها عشر ذي الحجة.
- في السنة النبوية: وردت أحاديث كثيرة تبين فضل العمل الصالح في هذه الأيام، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر»، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: «ولا الجهاد؛ إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء»؛ [رواه البخاري].
لماذا العشر من ذي الحجة هي الأفضل؟
تتفوق هذه الأيام على غيرها من أيام العام لعدة أسباب:
- اجتماع أمهات العبادات: تجتمع فيها عبادات عظيمة كالصلاة والصيام والصدقة والحج، وهو ما لا يجتمع في غيرها.
- مضاعفة الأجر: يتضاعف فيها أجر الأعمال الصالحة أضعافًا مضاعفة، مما يجعلها فرصة ذهبية لزيادة الحسنات.
- يوم عرفة: يضم هذا العشر يوم عرفة، وهو يوم عظيم يعتق الله فيه عباده من النار، ويباهي بهم الملائكة.
- الأضحية: يسن فيها ذبح الأضاحي، وهي من شعائر الإسلام العظيمة التي يتقرب بها المسلم إلى ربه.
كيف تستثمر العشر من ذي الحجة؟
إليك بعض الأعمال الصالحة التي يمكنك القيام بها في هذه الأيام المباركة:
- الإكثار من الذكر: أكثر من التهليل والتكبير والتحميد، فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يخرجون إلى الأسواق يكبرون، ويكبر الناس بتكبيرهم.
- الصيام: صيام يوم عرفة يكفر سنتين، سنة ماضية وسنة مقبلة، كما ورد في الحديث.
- قراءة القرآن: اجعل لك وردًا يوميًا من القرآن الكريم، وتدبر معانيه.
- الصدقة: تصدق على الفقراء والمساكين، وأعن المحتاجين.
- صلة الرحم: صل أرحامك، وزر أقاربك، وتفقد أحوالهم.
- الدعاء: أكثر من الدعاء والتضرع إلى الله، واسأله من فضله.
- الأضحية: إذا كنت قادرًا، فاذبح أضحية تقربًا إلى الله.
- التوبة والاستغفار: استغفر الله من ذنوبك، وتب إليه توبة نصوحة.
- الاجتهاد في النوافل: أكثر من النوافل بعد الفرائض، كالصلاة والصيام والصدقة.
- كف الأذى: تجنب إيذاء الآخرين بقول أو فعل.
ثمار العمل الصالح في الدنيا والآخرة
العمل الصالح ليس مجرد فعل يؤديه المسلم، بل هو طريق إلى السعادة والراحة والأمن في الدنيا والآخرة:
- الحياة الطيبة: قال تعالى: "{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}" [النحل: 97].
- حب الله: يتقرب العبد إلى ربه بالنوافل حتى يحبه الله، وإذا أحبه الله كان معه في كل شؤونه.
- الأمن والتمكين: قال تعالى: "{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}" [النور: 55].
- دخول الجنة: قال تعالى: "{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}" [الكهف: 107، 108].
رسالة إلى الظالم
تذكر أن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب. الظلم ظلمات يوم القيامة، فاحذر أن تظلم أحدًا، وسارع إلى رد الحقوق إلى أهلها، قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
اغتنم الفرصة
أيها المسلمون، لنستغل هذه الأيام المباركة في طاعة الله، ولنجعلها نقطة تحول في حياتنا، لعل الله أن يغفر لنا ذنوبنا، ويستر عيوبنا، ويرفع درجتنا، ويدفع عنا البلاء.
اترك تعليقاً