أمريكا وإيران وإسرائيل: هل تحولت تل أبيب إلى لاعب رئيسي في تحديد استراتيجيات الشرق الأوسط؟

أمريكا وإيران وإسرائيل: هل تحولت تل أبيب إلى لاعب رئيسي في تحديد استراتيجيات الشرق الأوسط؟

تتشابك المصالح والتحالفات في منطقة الشرق الأوسط بشكل معقد، وتلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا في إدارة التوترات بين إسرائيل وإيران. لكن، هل أصبحت إسرائيل، في ظل هذه الظروف، صانعة للقرارات الاستراتيجية أكثر من مجرد حليف؟

الإستراتيجية الأمريكية: دعم مشروط وتحفظ محسوب

تعتمد واشنطن إستراتيجية "الدعم والتحفظ" في التعامل مع المواجهة الإسرائيلية الإيرانية. هذا التوجه يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين:

  • الالتزام التاريخي بأمن إسرائيل: يعتبر حجر الزاوية في الإستراتيجية الأمريكية الإقليمية.
  • التحفظ على الانزلاق إلى حرب شاملة: تهدد استقرار الشرق الأوسط ومصالح واشنطن الحيوية.

هذا الدعم المشروط يعكس إدراكًا أمريكيًا عميقًا للمخاطر الكامنة في التصعيد، والتي تتضمن:

  • تهديد المصالح الأمريكية في الخليج: بما في ذلك تدفق النفط وأمن القواعد العسكرية.
  • زعزعة استقرار أسواق الطاقة العالمية: مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.
  • تعقيد العلاقات مع الحلفاء الإقليميين: خاصة دول الخليج التي تسعى للاستقرار.

إسرائيل: فرصة لتغيير قواعد اللعبة؟

ترى إسرائيل في هذه اللحظة فرصة تاريخية لتدمير المشروع النووي الإيراني وفرض معادلات ردع جديدة في المنطقة. هذا الطموح يختلف مع حذر واشنطن، التي تخشى من أن يؤدي التصعيد إلى حرب إقليمية واسعة تهدد المصالح الأمريكية المباشرة.

تسعى إسرائيل لتحقيق أهداف متعددة المستويات من خلال التصعيد:

  • تحجيم النفوذ الإيراني: في المنطقة وتقويض قدراته العسكرية.
  • تعزيز مكانتها كقوة إقليمية: قادرة على حماية نفسها ومصالحها.
  • إعادة رسم التحالفات الإقليمية: عبر تقديم نفسها كشريك في مواجهة "التهديد الإيراني".

التحديات التي تواجه واشنطن

تواجه الولايات المتحدة معضلة استراتيجية حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه في دعم إسرائيل دون الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع إيران وشركائها. تتضمن السيناريوهات المطروحة:

  • تقديم دعم استخباراتي ولوجستي موسّع: مع الحفاظ على مسافة سياسية.
  • ضربات محدودة ضد أهداف إيرانية: في حال هددت الأخيرة المصالح الأمريكية مباشرة (خيار محفوف بالمخاطر).
  • الحفاظ على الدعم السياسي والدبلوماسي: مع ممارسة الضغوط على إسرائيل لعدم توسيع العمليات.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه واشنطن تحديات داخلية:

  • خلافات بين المؤسسات الحكومية: (البنتاغون يميل إلى ضبط النفس، بينما يدفع مستشارو الأمن القومي باتجاه دعم إسرائيلي أكبر).
  • ضغوط من الكونغرس والجماعات المؤثرة: التي تطالب بموقف أكثر حسما تجاه إيران.
  • الاعتبارات السياسية الداخلية: قبيل الانتخابات الرئاسية، مما يدفع إلى تبني "موقف مزدوج هش".

إيران: إستراتيجية الردع الهش

تتبنى إيران إستراتيجية معقدة تقوم على "ردع هش" يجمع بين:

  • ضبط النفس لتجنب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة.
  • تصعيد محسوب يحافظ على ماء الوجه أمام الداخل وحلفاء "محور المقاومة".

يعتمد نجاح هذه المعادلة على:

  • إظهار القوة والردع: من خلال المناورات العسكرية والتصريحات القوية.
  • الحفاظ على تماسك "محور المقاومة": عبر دعم حلفائها في المنطقة.
  • تجنب الأخطاء في الحسابات: التي قد تؤدي إلى تصعيد كارثي.

سيناريوهات محتملة وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي

تقف الأزمة على مفترق طرق، وهناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية محتملة:

  • احتواء محدود: عبر قنوات خلفية وجهود دبلوماسية مكثفة.
  • تصعيد إقليمي: يشمل تدخل أطراف أخرى مثل حزب الله أو فصائل عراقية.
  • حرب شاملة: قد تجر الولايات المتحدة وإيران إلى مواجهة مباشرة.

الخلاصة

تشير التطورات الأخيرة إلى أن إسرائيل، في سعيها لتحقيق مصالحها الإقليمية، قد أصبحت لاعبًا رئيسيًا في تحديد استراتيجيات الشرق الأوسط، مما يضع الولايات المتحدة أمام تحديات كبيرة في إدارة التوازنات المعقدة في المنطقة. يبقى السؤال: هل ستنجح واشنطن في الحفاظ على السيطرة على زمام المبادرة، أم أن إسرائيل ستدفع المنطقة نحو تصعيد لا يمكن التنبؤ بعواقبه؟

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *