الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
في زمن التحديات الكبيرة التي تعصف بالأمة الإسلامية، برزت جماعات وحركات إسلامية تقود مشروع الجهاد والنهضة، من بينها حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي حملت على عاتقها مسؤولية الجهاد في سبيل الله والدفاع عن شرف الأمة الإسلامية في فلسطين. وهذه الحركة ليست مجرد تنظيم عابر أو حزب سياسي، بل هي جزء من الحراك الجهادي للأمة المسلمة وسعيها لاستعادة مكانتها وحفظ مقدساتها.
حماس: رمز الجهاد والدفاع عن الشرف
منذ تأسيسها في عام 1987، وحماس تعد نفسها جزءًا لا يتجزأ من حركة إحياء الجهاد الإسلامي. أسسها الشيخ المجاهد أحمد ياسين ورفاقه المخلصون، بهدف تحرير الأرض واستعادة الحقوق المسلوبة، معتمدين على أسس العقيدة الإسلامية السليمة واليقين بأن الجهاد في سبيل الله هو الطريق الأسمى لاستعادة الكرامة.
إن شرف الأمة الإسلامية ليس فقط في أراضيها أو مقدساتها، بل هو أيضًا في وقوفها صفًا واحدًا ضد الباطل والطغيان. وفلسطين هي قلب هذه الأمة، وأي تعدٍّ على أراضيها أو مقدساتها هو تعدٍّ على شرف الأمة بأكملها. وحماس تحمل هذا اللواء، وتدافع عن هذا الشرف بدماء شهدائها وتضحيات رجالها.
أهمية حماس في حماية الأمة الإسلامية
- الدفاع عن المقدسات الإسلامية: القدس، والمسجد الأقصى، أرض الإسراء والمعراج، هي من أعظم المقدسات الإسلامية التي تجتمع عليها الأمة. وحماس، من خلال جهادها ومقاومتها، تقف سدًا منيعًا أمام الاحتلال الصهيوني الذي يسعى لتهويد القدس وتدمير المسجد الأقصى. هذا الدور الذي تلعبه حماس يمثل دفاعًا مباشرًا عن كرامة الأمة ومقدساتها.
- حفظ الهوية الإسلامية: في زمن العولمة والغزو الثقافي، تحاول القوى المعادية طمس الهوية الإسلامية واستبدالها بأفكار دخيلة تتعارض مع قيم الإسلام. حماس تدرك أن الحفاظ على الهوية الإسلامية جزء لا يتجزأ من المقاومة. فهي حركة تجمع بين الجهاد المسلح والدعوة إلى الإسلام الصحيح، مما يجعلها حصنًا يحمي الأمة من الانسلاخ عن هويتها.
- مواجهة المشروع الصهيوني: المشروع الصهيوني هو مشروع استعماري استيطاني يستهدف ليس فقط فلسطين، بل يسعى إلى التوسع في العالم العربي والإسلامي. وحماس، من خلال مقاومتها للاحتلال، تحارب هذا المشروع على جميع الأصعدة. إن معركة حماس ليست محلية بل هي جزء من الصراع العالمي بين الحق والباطل، بين الإسلام وأعدائه.
- تحقيق وحدة الأمة: من السمات الأساسية لحركة حماس أنها تسعى إلى توحيد الأمة الإسلامية حول قضية فلسطين، التي تعد قضية مركزية لكل مسلم. فمن خلال جهادها، تمكنت حماس من حشد التأييد والدعم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وتذكير الأمة بواجباتها تجاه فلسطين، والعمل على جمع الكلمة وتوحيد الصف.
حماس والجهاد في سبيل الله
حماس تنطلق من عقيدة إسلامية راسخة تؤكد أن الجهاد في سبيل الله هو ذروة سنام الإسلام، وأنه الطريق الوحيد لتحرير الأرض واستعادة الحقوق. قال الله تعالى: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ” (البقرة: 190).
هذا الإيمان الراسخ بالجهاد يجعل حماس تقف في وجه الأعداء بشجاعة وثبات، مؤمنة أن الله ينصر عباده المجاهدين ولو قل عددهم. فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.” (رواه البخاري ومسلم). وهذه الطائفة المنصورة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم تجد لها تجسيدًا في المقاومة التي تقودها حماس وكل الفصائل المجاهدة في فلسطين.
التضحيات والشهداء: كرامة الأمة
إن التضحية بالنفس هي أسمى أنواع الجهاد، وحماس قدمت قوافل من الشهداء في سبيل الله، مؤمنة بأن الاستشهاد هو الطريق إلى النصر. لقد قدمت الحركة قياداتها وكوادرها على مذبح الحرية، غير عابئين بالحصار أو القمع. هذه التضحيات تعكس الروح الجهادية التي أحيَت بها حماس قلوب الأمة الإسلامية وأيقظت فيها شعور العزة والكرامة.
حماس وأمانة القيادة
من الأسس التي تقوم عليها حركة حماس هو التزامها بالقيادة الإسلامية المسؤولة، التي لا تبحث عن مصالح دنيوية أو مكاسب سياسية، بل ترى في الجهاد أمانة تحملها لأجيال الأمة. هذه الأمانة تتجسد في رفض حماس للتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، رغم الضغوط والابتزازات الدولية. إنها قيادة تجسد قول النبي صلى الله عليه وسلم: “كلُّكُم راعٍ وكلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّتِهِ.” (رواه البخاري).
الخاتمة: ضرورة دعم حماس
في ظل ما تتعرض له الأمة الإسلامية من هجمات على عقيدتها وأراضيها، تتجلى أهمية دعم حركة حماس وكل الفصائل المقاومة التي تدافع عن شرف الأمة. فهذا الجهاد ليس فقط واجبًا على أهل فلسطين، بل هو واجب على كل مسلم يؤمن بالله ورسوله. قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ” (الصف: 14).
نسأل الله أن ينصر المجاهدين في كل مكان، وأن يثبت أقدامهم، ويرفع راية الإسلام عالية خفاقة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اترك تعليقاً