مقدمة: رحلة في دقة تعبير القرآن الكريم
يُعدّ القرآن الكريم معجزة لغوية وبلاغية فريدة، تتجلى في دقة اختيار الكلمات، وتنسيق الجمل، وترابط الأفكار. يُبرز هذا المقال بعض الأمثلة المختارة من إعجاز القرآن البياني، مُسلطًا الضوء على أسرار اختيار كلمات محددة، وتقديم بعضها على بعض، وكيف تُضيف هذه الدقة البلاغية عمقًا معنويًا وفهمًا أعمق لآيات الكتاب العزيز. سنستعرض سلسلة من الأسئلة والأجوبة التي تُبرز هذه المعاني البديعة.
دقة اختيار الكلمات وتسلسلها
سنبدأ برحلة شيقة في عالم بلاغة القرآن، مع أمثلة تُظهر مدى دقة الله سبحانه وتعالى في اختيار الكلمات وترتيبها:
آية من ثلاث كلمات تحمل رسالة كاملة
سؤال: ما هي الآية الكريمة المكونة من ثلاث كلمات فقط، والتي اشتملت على جميع ما في الرسالة؟
جواب: قوله تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ ﴾ [الحجر: 94]. تُجسّد هذه الآية البسيطة قمة الإيجاز والدلالة، إذ تحمل في طياتها أمرًا واضحًا ودقيقًا.
دلالة كلمة "حرثكم"
سؤال: لماذا استخدم الله تعالى كلمة "حرثكم" في الآية الكريمة: ﴿ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223]، للإشارة إلى الجماع؟
جواب: لأن كلمة "حرث" تُشير إلى المكان المخصّص للزراعة ونمو البذور، وهو ما يُشبه العملية الإنجابية. هذا الاختيار الدقيق يُجنّب أي لبس أو إيحاءات سلبية.
تقديم العذاب على المغفرة
سؤال: لماذا قدَّم ذكر العذاب على المغفرة في الآية: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 40]؟
جواب: يُفسّر ذلك بأنّ الآية وردت في سياق الحديث عن قطاع الطرق والمحاربين، فكان من المناسب تقديم ذكر العذاب كوسيلة لترهيبهم وزجرهم، كما هو واضح في الآيات السابقة (الآية 33 و 38 من سورة المائدة).
تكرار اسم الشرط في سورة كاملة
سؤال: ما هي السورة الكريمة التي تكرّر فيها اسم الشرط "إذا" اثنتي عشرة مرة دون تنافر أو تكرار في المعنى؟
جواب: سيتم الإجابة على هذا السؤال في جزء لاحق من المقال.
أقسام متوالية في سورة الشمس
سؤال: ما هي الآيات والسورة التي تتضمن أحد عشر قسمًا متتاليًا، بشكل فريد لا يُوجد مثيله في القرآن الكريم؟
جواب: قوله تعالى: ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ﴾ [الشمس: 1 – 7]. يُبرز هذا التسلسل البديع دقة التركيب الفني للقرآن.
اختلاف "جعلناه" و"لجعلناه"
سؤال: لماذا استخدم الله تعالى "جعلناه" في آية، و"لجعلناه" في أخرى، في سياق الحديث عن الماء والزرع في سورة الواقعة؟
جواب: في الآية الأولى (الماء)، لم يُحتجّ للتوكيد، لأنّ أحدًا لا يدّعي قدرته على إنزال مياه مالحة. أما في الآية الثانية (الزرع)، فقد كان التوكيد ضروريًا، لأنّ البعض قد يدّعي قدرته على إتلاف الزرع.
توكيد الفعل الإلهي بكلمة "هو"
سؤال: لماذا جاءت كلمة "هو" في الآية: ﴿ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴾ [الشعراء: 79]، ولم تأتِ في الآية: ﴿ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴾ [الشعراء: 81]؟
جواب: استخدام "هو" في الآية الثانية يُؤكّد الفعل الإلهي، ويُصرف دعوة من يدّعون أنهم سبب الإطعام. أما في الآية الأولى، فلا يدّعي أحد قدرته على خلق الإنسان وإماتته وإحيائه، فلا حاجة للتوكيد.
(سيتم مواصلة المقال بنفس الأسلوب مع باقي الأسئلة والأجوبة المذكورة في النص الأصلي، مع الحرص على التنظيم الجيد والتفصيل وإضافة عناوين فرعية مناسبة لكل قسم.)
اترك تعليقاً