إيران والملف النووي: هل تنجح الضغوط الأوروبية في ظل التصعيد الإسرائيلي؟

إيران والملف النووي: هل تنجح الضغوط الأوروبية في ظل التصعيد الإسرائيلي؟

تصعيد اللهجة الإيرانية في ظل التوتر المتزايد

تتزايد حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وتتصاعد معها المخاوف بشأن مستقبل الاتفاق النووي الإيراني. ففي خضم التصعيد العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل، تبرز تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأخيرة، والتي تعكس موقفًا أكثر تصلبًا من أي وقت مضى. فقد جدد عراقجي رفض طهران التفاوض بشأن برنامجها الصاروخي أو وقف تخصيب اليورانيوم، مما يثير تساؤلات جدية حول فرص التوصل إلى أي تفاهمات مع الجانب الأوروبي.

محادثات جنيف: أجواء مشحونة ومطالب إيرانية واضحة

عقب اجتماع جنيف مع وزراء خارجية الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، شدد عراقجي على أن إيران لن تدخل في أي مسار تفاوضي طالما استمرت "الاعتداءات الإسرائيلية"، مؤكدًا على "حقوق إيران المشروعة في الدفاع عن النفس". وربط أي تفاوض محتمل بوقف ما وصفه بـ "العدوان" ومحاسبة إسرائيل، مما يضع شروطًا صعبة أمام أي تقدم في المحادثات.

رؤية إيرانية: لا تنازلات تحت الضغط

ترى الباحثة فاطمة الصمادي أن طهران تنظر إلى المطالب الأوروبية على أنها محاولة لفرض الاستسلام تحت غطاء دبلوماسي. وتؤكد أن "ما رفضته إيران قبل الهجمات لن تقبل به بعدها"، وأن التخصيب داخل الأراضي الإيرانية يمثل "خطًا أحمر" لا يمكن تجاوزه في أي تفاوض قادم. وتضيف أن إيران تعتبر برنامجها النووي والصاروخي ركائز سيادية لا يمكن المساس بها، وأن التصريحات الأمريكية حول المحادثات المباشرة أو غير المباشرة لن تغير في المعادلة طالما لم تُبد واشنطن أي مرونة في مقاربتها.

البرنامج الصاروخي: خط أحمر آخر

تؤكد الصمادي أن الموقف الإيراني أصبح أكثر تشددًا فيما يتعلق بالبرنامج الصاروخي بعد التصعيد الأخير، مشيرة إلى أن "الهجوم الإسرائيلي زاد من تمسك إيران بترسانتها الصاروخية، باعتبارها عنصرًا حيويًا في الردع". وتعتبر أن أي طرح لنزع هذا البرنامج بات مرفوضًا بشكل قاطع.

قلق أوروبي متزايد

في المقابل، أعرب وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، عن "قلق قديم متجدد من توسع البرنامج النووي الإيراني"، مشيرين إلى غياب ما وصفوه بـ "الهدف المدني الموثوق" لهذا البرنامج، ودعوا طهران إلى خطوات لخفض التصعيد.

موقف إسرائيل: عرقلة أي حل دبلوماسي

يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى أن إسرائيل هي الطرف الوحيد الذي لا يريد أصلاً أي تفاوض، ويخشى من أن تؤدي المحادثات إلى تحول في الخطاب الدولي يدعو لحل دبلوماسي، وهو ما تعتبره تل أبيب تهديدًا لمسارها العسكري القائم. ويضيف أن إسرائيل تسوق الحرب ضد إيران باعتبارها حربًا وجودية، وأنها تخشى من أن تسفر هذه المباحثات عن تراجع في الزخم السياسي والإعلامي المساند لها.

تهديدات إسرائيلية بضرب المنشآت النووية

تنقل وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب تضع منشأة "فوردو" النووية على قائمة الأهداف العسكرية، وأن الجيش الإسرائيلي مستعد لضربها قريبًا، مع التأكيد على انتظار قرار أمريكي بالمشاركة، دون استبعاد تنفيذ العملية بشكل منفرد.

إسرائيل تسعى لإضعاف إيران

يشير مصطفى إلى أن الرهان الإسرائيلي يقوم على إضعاف إيران بعد الحرب، لا إسقاط النظام، موضحًا أن تل أبيب تعتقد أن العقوبات الاقتصادية هي الوسيلة الأنجع لإطالة أمد الإنهاك الإيراني، وهو ما تسعى إليه عبر الضغط على الأوروبيين في المحادثات الجارية.

حصيلة التصعيد العسكري

منذ فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران الجاري، تشن إسرائيل هجمات غير مسبوقة على إيران شملت قصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين. وبلغ عدد الضحايا الإيرانيين 224 قتيلاً و1277 جريحًا، معظمهم مدنيون. ومن جانبها، ترد طهران بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة خلفت نحو 25 قتيلاً إسرائيليًا وأكثر من 2500 جريح، وفق بيان وزارة الصحة الإسرائيلية.

الخلاصة

في ظل هذا التصعيد المتزايد، يبدو أن فرص التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية تتقلص بشكل كبير. فالموقف الإيراني المتصلب، والضغوط الأوروبية المتزايدة، والموقف الإسرائيلي الرافض لأي تفاوض، كلها عوامل تزيد من تعقيد المشهد وتضع المنطقة على حافة صراع أوسع.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *