اشتداد المحن: بشرى بقرب الفرج ونصر الله

اشتداد المحن: بشرى بقرب الفرج ونصر الله

اشتداد المحن: بشرى بقرب الفرج ونصر الله

تواجه أمتنا الإسلامية اليوم تحدياتٍ جسامًا ومحنًا مؤلمة، تتراوح بين الحروب والاحتلال والظلم في فلسطين، وسوريا، والسودان، وغيرها من البلدان الإسلامية. يشعر الكثيرون باليأس والإحباط جراء استمرار هذه المعاناة، ويتساءلون عن موعد زوالها وعودة النصر. لكن هل يأسنا هذا واقعٌ لا مفر منه، أم أن هناك أملًا يلوح في الأفق؟

حكمة الله في اشتداد المحن

يُظهر التدبر في القرآن الكريم، وتأمل سيرة النبيين والرسل، حقيقةً واضحةً: أن اشتداد المحن وبلوغها ذروتها، هو في الحقيقة، بشرى بقرب الفرج والنصر. فالله -عز وجل- يختبر عباده، ويقوي إيمانهم في أشد الظروف. عندما تبلغ القلوب الحناجر، ويُظن بالله الظنون، يتنزّل النصر الإلهي، شريطة الصبر والثبات على الحق.

دلائل من القرآن الكريم

تؤكد العديد من آيات القرآن الكريم هذه الحقيقة، منها قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾ [يوسف: 110]. كما يوضح ذلك قوله تعالى عن معركة الأحزاب: ﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: 10، 11]. وقد كان رد فعل المؤمنين حينها: ﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 22]. ثم جاء النصر الإلهي بعد ذلك.

الابتلاء واختبار الإيمان

تُمثل هذه الشدائد التي تمر بها الأمة الإسلامية ميدانًا للامتحان والاختبار، ليس فقط للقادة والعلماء والساسة، بل للشعوب بأكملها. اختبارٌ لمدى تمسكهم بدينهم، والتزامهم بشريعته، ونصرتهم لدين الله، ودفاعهم عن مقدساتهم. وهو اختبارٌ لصدق إيماننا بوعد الله ونصره، وعدم اليأس من رحمته.

بين اليأس والثبات

سؤالنا هنا: هل سنكون كالصحابة في معركة الأحزاب، أم كالمنافقين الذين قالوا: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الأحزاب: 12]؟ هل سنواصل دعم المرابطين والإغاثة للمنكوبين، أم سنقف متخاذلين؟

التوكل على الله

يُذكّرنا القرآن الكريم بضرورة التوكل على الله: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3]. يجب أن يكون الله موضع خشيتنا وتوكلنا، وأن نتبع رضوانه.

أمثلة على نصر الله

نجاح الثورة السورية وتحرر الشعب السوري من النظام الظالم، واندحار المتمردين في السودان، بعد صبر وجهاد طويل، يُبرهنان على حقيقة أن نصر الله قريب، كما جاء في قوله تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: 160].

الاستمرار في الجهاد

لا يعني هذا الانتظار السلبي للمحن حتى تشتد، بل هو دعوةٌ للاستمرار في الجهاد، والصبر والثبات على الحق، مع العطاء المتواصل بالنفس والمال، ودعم المرابطين، ومواجهة الخذلان والتطبيع والاستسلام. يُؤكد القرآن على أهمية التعاون والترابط بين المسلمين: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة: 55، 56].

الخاتمة

املأوا قلوبكم إيمانًا بربكم، وثقةً بنصره، وثباتًا على دينكم، واستمروا في دعم إخوانكم المسلمين في فلسطين، والضفة الغربية، والقدس، وسائر البلدان الإسلامية. تذكروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((تَرَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى عُضْوًا تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى))؛ (البخاري).

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *