تأملات في آية من سورة سبأ: "اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ"
تتضمن آيات القرآن الكريم كنوزًا من الحكمة والإرشاد، وتدعونا إلى التدبر في معانيها العميقة. في سورة سبأ، الآية (11)، نقف أمام توجيه إلهي لسيدنا داود عليه السلام: "{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}". فما هي دلالات هذه الآية الكريمة؟ وما هي الدروس المستفادة منها؟
شرح مفردات الآية:
- "اعْمَلْ سَابِغَاتٍ": السابغات هي الدروع الكاملة الواسعة التي تغطي الجسم، وتوفر الحماية من الأخطار.
- "وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ": السرد هو نسج الدروع، أي وصل الحلقات بعضها ببعض باستخدام المسامير. و"قَدِّرْ" هنا تعني إتقان الصنعة وضبطها، فلا تكون المسامير دقيقة فتنفلت، ولا غليظة فتكسر الحلقات.
- "وَاعْمَلُوا صَالِحًا": أمر بالعمل الصالح، وهو يشمل كل ما يرضي الله من الأقوال والأفعال.
- "إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ": تأكيد على علم الله تعالى بكل ما يفعله الإنسان، الظاهر منه والباطن.
تفسير الآية:
الآية الكريمة تتضمن توجيهًا مزدوجًا لسيدنا داود عليه السلام:
- صناعة الدروع المتقنة: أمره الله بصناعة الدروع الكاملة التي توفر الحماية الكاملة للمقاتلين. وهذا يدل على أهمية الأخذ بالأسباب والتهيؤ لمواجهة التحديات.
- الإتقان في الصنعة: أمره الله بالإتقان في صناعة الدروع، بحيث تكون متينة وقوية، ولا تكون فيها عيوب تؤدي إلى ضعفها. وهذا يدل على أهمية الإخلاص في العمل والجودة في الإنتاج.
بالإضافة إلى ذلك، الآية تتضمن أمرًا عامًا بالعمل الصالح، وهو يشمل كل ما يرضي الله من الأقوال والأفعال. وهذا يدل على أن العمل الدنيوي يجب أن يكون مصحوبًا بالعمل الأخروي، وأن الإنسان يجب أن يسعى إلى تحقيق التوازن بينهما.
الدروس المستفادة:
- أهمية الأخذ بالأسباب والتهيؤ لمواجهة التحديات.
- ضرورة الإتقان في العمل والإخلاص فيه.
- وجوب الجمع بين العمل الدنيوي والعمل الأخروي.
- تذكير بعلم الله تعالى بكل ما يفعله الإنسان.
خاتمة:
إن آية "اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ" تحمل في طياتها دروسًا قيمة في الإتقان والجودة والعمل الصالح. فلنتدبر هذه الآية الكريمة، ولنجعلها نبراسًا لنا في حياتنا، حتى نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اترك تعليقاً