افتتاح خطبة عيد الفطر: التكبير أم التحميد؟ أقوال العلماء والأحكام المتعلقة
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يُشكل افتتاح خطبة عيد الفطر مسألة خلافية بين العلماء، حيث اختلفوا حول البدء بالتحميد أو التكبير. سنستعرض في هذا المقال أقوال العلماء من مختلف المذاهب الفقهية الأربعة، مع بيان الأدلة والاختيارات المرجحة، بالإضافة إلى توضيح بعض الأحكام المتعلقة بصلاة العيد وتكبيراتها.
اختلاف العلماء في افتتاح خطبة العيد
اختلف العلماء في افتتاح خطبة العيد، فمنهم من فضّل البدء بالتكبير، ومنهم من اختار التحميد، بينما رأى آخرون أن الأمر واسع، وجاز البدء بأيهما.
القول بالبدء بالتحميد
يرى جمهور الفقهاء، ومنهم طائفة من الشافعية والحنابلة، بالإضافة إلى ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن باز، أنَّ افتتاح الخطبة بالحمد لله هو الأفضل والأرجح. يستند هذا القول إلى:
- عدم وجود دليل صريح: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه افتتح خطبة العيد بالتكبير، بينما ثبت عنه افتتاح خطبه بحمد الله والثناء عليه. كما أنَّ كتاب الله تعالى بدأ بالحمد.
- حديث "كل أمر ذي بال": يُؤيد هذا القول حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر". وقد حسّنه أو صححه جمع من أهل العلم.
أقوال العلماء الداعمين لهذا الرأي:
- الإمام النووي: يُشير إلى أن التكبيرات مقدمة للخطبة وليست جزءًا منها.
- ابن تيمية: يُفضل افتتاح خطبة العيد بالحمد لله، مشيرًا إلى اتفاق العلماء على ذلك في خطبة الجمعة.
- ابن القيم: يُؤكد على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله.
- ابن باز: يُوضح أنَّ المشروع في خطبة العيد هو البدء بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
القول بالبدء بالتكبير
من جهة أخرى، ترى طائفة من الأحناف والمالكية أنَّ افتتاح خطبة العيد يكون بالتكبير، مستندين إلى بعض الأحاديث الضعيفة، مثل حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة الذي يُشير إلى السنة في التكبير على المنبر قبل الخطبة.
أقوال العلماء الداعمين لهذا الرأي:
- ابن نجيم (البحر الرائق): يذكر أنَّ خطبة العيد تبدأ بالتكبيرات.
- القول في الثمر الداني والفواكه الدواني (مالكي): يُشير إلى أن خطبة العيد تفتتح بالتكبير.
- الرازي في "الذخيرة": يذكر افتتاح خطب الحج بالتكبير، ويُقارنها بخطبة العيد.
القول بالاختيار بين التكبير والتحميد
يذهب بعض العلماء إلى أنَّ الأمر واسع، وأنَّ البدءَ بالتكبير أو التحميد جائزٌ. فيمكن الجمع بينهما، مثلًا بقول: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد".
أحكام مُتعلقة بصلاة العيد وتكبيراتها
عدد تكبيرات صلاة العيد
يختلف عدد تكبيرات صلاة العيد باختلاف المذاهب:
- الحنفية: ست تكبيرات زائدة.
- المالكية والحنابلة: ست تكبيرات في الركعة الأولى وخمس في الثانية.
- الشافعية: سبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس في الثانية.
وقت تكبيرات صلاة العيد
يختلف وقت التكبيرات في الركعتين أيضًا:
- الركعة الأولى: تختلف الآراء بين قبل دعاء الاستفتاح، أو بعده، أو بعد تكبيرة الإحرام.
- الركعة الثانية: تختلف الآراء بين قبل القراءة أو بعدها.
رفع اليدين في تكبيرات صلاة العيد
اختلف الفقهاء في رفع اليدين في التكبيرات، فمنهم من أجازه، وهو قول الشافعية والحنفية وأحمد بن حنبل، ومنهم من كرهه، وهو قول مالك.
ما يُقال بين تكبيرات صلاة العيد
تختلف الآراء حول ما يُقال بين التكبيرات، فمنهم من أجاز السكوت، ومنهم من ندب ذكر الله تعالى بالأذكار.
حكم من نسي تكبيرات صلاة العيد
يختلف حكم نسيان التكبيرات باختلاف المذاهب، فمنهم من أجاز الإتيان بها إن تذكرها قبل الركوع، ومنهم من لم يُجِز ذلك.
كيفيَّة أداء صلاة العيد
تتفق المذاهب الفقهية على كيفيّة أداء صلاة العيد بشكل عام، مع اختلاف في بعض التفاصيل كعدد التكبيرات ووقتِها ورفع اليدين.
شروط وجوب وصحة صلاة العيد
تختلف آراء الفقهاء في شروط وجوب صلاة العيد، فمنهم من يراها واجبة، ومنهم من يراها سنة مؤكدة، أو فرض كفاية. أما شروط صحتها فتتفق مع شروط صحة الصلاة بشكل عام.
سُنن صلاة العيد
تُسَنُّ في صلاة العيد العديد من الأمور، منها الاغتسال والتطييب، والذهاب إلى المصلى مشيًا، والتكبير في الطريق، وأكل التمر قبل صلاة عيد الفطر.
وقت ومكان صلاة العيد
يُسَنُّ تأخير صلاة عيد الفطر حتى يتمكن الناس من إخراج زكاة الفطر، ويُسَنُّ أداء صلاة العيد في مصلى خارج البلد إن أمكن.
حكم صلاة عيد الفطر
تتعدد الآراء في حكم صلاة العيد بين واجبة وسنة مؤكدة وفرض كفاية.
مشروعية صلاة العيد
تُثبت مشروعية صلاة العيد الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة.
مكانة عيد الفطر
يُمثل عيد الفطر مناسبة اجتماعية ودينية هامة للمسلمين، تتجلى فيها قيم التكافل والترابط والفرح والامتنان لله تعالى.
هل للعيد خطبة أم خطبتان؟
يختلف الفقهاء في عدد خطب العيد، فمنهم من يرى أنها خطبة واحدة، ومنهم من يرى أنها خطبتان. الراجح هو أنَّها خطبة واحدة، لكنَّ العمل بخطبتين لا بأس به، خصوصًا لِمُراعاة جميع الحاضرين.
ختامًا، نرجو أن يكون هذا المقال قد وفّر شرحًا وافيًا لِمسألة افتتاح خطبة عيد الفطر، مع بيان أقوال العلماء والأحكام المتعلقة بصلاة العيد وتكبيراتها. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
اترك تعليقاً