تآكل اتفاقية حظر الألغام: خطر يهدد المدنيين وجهود نزع السلاح
مع اقتراب الاجتماعات البينية للدول الأطراف في اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، أطلقت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ميرجانا سبولياريتش، تحذيراً شديد اللهجة بشأن التراجع المحتمل عن هذا الاتفاق الدولي. وأكدت أن تقويض هذه الاتفاقية يمثل انتكاسة خطيرة لجهود نزع السلاح الإنساني، ويعرّض حياة المدنيين لخطر متزايد.
إنجازات تاريخية في مواجهة "بلاء" الألغام
منذ اعتماد اتفاقية حظر الألغام عام 1997، تحققت إنجازات كبيرة في هذا المجال، أبرزها:
- تدمير أكثر من 55 مليون لغم مخزن: وهو إنجاز ضخم ساهم في تقليل المخزون العالمي من هذه الأسلحة الفتاكة.
- تطهير مساحات واسعة من الأراضي الملوثة: مما أتاح استعادة هذه الأراضي للاستخدامات الآمنة، مثل الزراعة والسكن.
- الحد من إنتاج ونقل الألغام: مما قلل من انتشارها وتوفرها في مناطق النزاعات.
- خفض عدد الضحايا بنسبة تزيد عن 75%: مقارنة بذروة التسعينيات، وهو دليل قاطع على فعالية الاتفاقية.
الألغام المضادة للأفراد: سلاح "لا إنساني" يهدد المدنيين
تُصمم الألغام المضادة للأفراد لتنفجر عند الاقتراب منها أو ملامستها، مما يؤدي إلى إصابات بالغة أو الوفاة. وتتسبب هذه الأسلحة في أضرار جسيمة تتجاوز الإصابات المباشرة، حيث:
- تخلف إصابات وآثاراً مدمرة قد تستمر لعقود: بما في ذلك الإعاقات الدائمة والحاجة إلى رعاية طبية ونفسية طويلة الأمد.
- تجعل استخدام مساحات واسعة من الأراضي أمراً مستحيلاً: مما يعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويؤثر سلباً على سبل العيش.
- تعرّض إنتاج الغذاء لخطر بالغ: حيث تمنع الزراعة وتعيق حركة المزارعين، مما يؤدي إلى نقص الغذاء وتفاقم الأوضاع الإنسانية.
دعم دولي واسع النطاق.. ولكن!
صادقت 165 دولة على اتفاقية حظر الألغام، مما يعكس الدعم الدولي الواسع النطاق لهذا الاتفاق. وقد ساهم هذا الدعم في تسليط الضوء على معاناة ضحايا الألغام، الذين يشكل المدنيون أكثر من 80% منهم، وغالباً ما يكونون أطفالاً.
ومع ذلك، حذرت سبولياريتش من تآكل التوافق الدولي، مشيرة إلى أن بعض الدول التي كانت قد التزمت سابقاً بنزع السلاح تفكر الآن في الانسحاب من الاتفاقية.
الانسحاب من الاتفاقية: تهديد لحياة البشر وتقويض للتقدم الإنساني
ترى رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الانسحاب من الاتفاقية ليس مجرد خطوة قانونية، بل هو قرار يهدد حياة عدد لا يحصى من البشر، ويقوض عقوداً من التقدم الإنساني الذي تحقق بشق الأنفس.
نداء عاجل لإعادة التأكيد على الالتزام بالمعاهدة
يذكر أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بدأت في أواخر الثمانينيات بدق ناقوس الخطر بشأن تزايد أعداد المصابين المدنيين جراء الألغام، واصفة الوضع حينها بأنه "جائحة عالمية". وقد قدرت اللجنة أن نحو 24 ألف شخص، معظمهم من المدنيين، كانوا يقتلون أو يصابون سنوياً بسبب الألغام.
في ختام كلمتها، أكدت سبولياريتش أن اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد هي "واحدة من أنجح معاهدات نزع السلاح في التاريخ"، محذرة من أن التخلي عنها لا يهدد فقط أرواح الأبرياء، بل يقوض أيضاً القانون الدولي الإنساني ككل. ودعت إلى استغلال اجتماعات الدول الأطراف في جنيف كفرصة مصيرية لإعادة التأكيد على الالتزام الجماعي بالمعاهدة، والتصدي للاتجاهات المقلقة نحو التراجع، وضمان عدم العودة إلى استخدام أسلحة عشوائية "تسببت في معاناة لا توصف".
اترك تعليقاً