في خضمّ تحديات الحياة وضغوطها، يغفل الكثيرون عن سلاح عظيم وهبه الله لنا، ألا وهو التسبيح. لم يقتصر الأمر على كونه عبادة جليلة، بل هو طوق نجاة في أوقات الشدة، ومفتاح للفرج والسكينة.
التسبيح: تنزيه وتقرّب في آن واحد
أوصى الله نبيه الكريم، صلى الله عليه وسلم، بالإكثار من التسبيح، وجعله قرينًا للصبر في مواجهة صعاب الدعوة والبلاء. فالتسبيح ليس مجرد ترديد كلمات، بل هو:
- تنزيه لله تعالى: إقرار بكمال صفاته وعلو شأنه، وأنه منزه عن الظلم أو العبث في أقدارنا.
- اعتراف بالقصور: إعلان صريح بأن النقص والتقصير من أنفسنا، وأننا بحاجة إلى رحمته وعونه.
- تأكيد على الحكمة: يقين بأن كل ما يقدره الله لنا، حتى ما يبدو ظاهره بلاء، يحمل في طياته حكمة ورحمة لا ندركها.
التسبيح: فرج الأنبياء في الكربات
لم يكن التسبيح مجرد سلوك فردي، بل كان ملاذ الأنبياء والمرسلين في أصعب الظروف، وشعلة أضاءت لهم طريق النجاة:
- آدم وحواء عليهما السلام: بعد الوقوع في المعصية، لجأا إلى التسبيح والاعتراف بالذنب:
{قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
. - موسى عليه السلام: بعد قتل النفس خطأً، توجه إلى الله بالتسبيح والاستغفار:
{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
. - يونس عليه السلام: في بطن الحوت، وفي ظلمات البحر، نادى ربه متضرعًا:
{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
، فاستجاب الله له ونجاه من الغم.
التسبيح: من الضيق إلى السعة
إن هذه العبودية العظيمة، عبودية التسبيح، قادرة على إخراج الصدور من ضيق الأزمات إلى سعة رحمة الله وحكمته. إنها تمنحنا:
- اليقين بالله: بأن الله هو الملجأ والملاذ، وأنه القادر على كل شيء.
- الرضا بالقضاء: بأن ما قدره الله هو الخير لنا، حتى وإن لم ندرك ذلك في حينه.
- السكينة والطمأنينة: بأن الله معنا، وأنه لن يتركنا في وحدتنا.
فلنجعل التسبيح رفيقنا الدائم، وسلاحنا الذي لا يخذلنا في مواجهة تحديات الحياة، لننعم بالفرج والسكينة في كل وقت وحين.
اترك تعليقاً