الحج: رحلة إلى الله.. منافع دينية ودنيوية تغذي الروح وتنير الدرب

الحمد لله الذي شرع الحج وجعله ركنًا من أركان الإسلام، والصلاة والسلام على النبي المصطفى وآله وصحبه الكرام.

تتجلى عظمة الحج في كونه عبادة جامعة، تجمع بين التوجه الخالص لله تعالى، والفوائد الجمة التي تعود على الفرد والمجتمع. فالحج ليس مجرد رحلة إلى البقاع المقدسة، بل هو رحلة إلى الذات، وتجديد للعهد مع الله، واستشعار لعظمة الإسلام ووحدة المسلمين.

قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 27، 28].

ما هي المنافع التي يشهدها الحاج؟

تتنوع المنافع التي يجنيها الحاج، وتشمل جوانب دينية ودنيوية عديدة، يمكن تلخيصها فيما يلي:

أولًا: تطهير الروح والقلب

  • التذلل والتضرع: يخلع الحاج رداء التكبر والتعالي، ويرتدي لباس الإحرام الذي يرمز إلى التواضع والعبودية الخالصة لله، مما يطهّر القلب من العُجب والكبر.
  • التوبة والاستغفار: الحج فرصة عظيمة للتوبة النصوحة والرجوع إلى الله، فمن حج ولم يرفث ولم يفسق، عاد كيوم ولدته أمه، مغفورًا له ذنوبه.
  • الزيادة في الإيمان: مناسك الحج تزيد من الإيمان وتعمق الصلة بالله، وتجعل الحاج أكثر خشية وتقوى.

ثانيًا: عبادة جامعة وشكر لله

  • اجتماع العبادات: في الحج تجتمع أنواع العبادات المختلفة، كالصلاة، والزكاة (في الهدي)، والطواف، والسعي، والذكر، والدعاء، وبذل المال، وكف الأذى.
  • شكر النعم: الحج تعبير عن الشكر لله على نعمة الإسلام، ونعمة الهداية، ونعمة المال والصحة، قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [الحج: 36].

ثالثًا: تعزيز الوحدة الإسلامية

  • التعارف والتآلف: يجتمع المسلمون من مختلف أنحاء العالم في مكان واحد، بلباس واحد، مما يذيب الفوارق الطبقية والعرقية، ويعزز الوحدة والتآلف بينهم.
  • قوة الأمة: اجتماع المسلمين في الحج يظهر قوة الأمة الإسلامية وتماسكها، ويجعلها مهيبة في نظر الأعداء.

رابعًا: منافع دنيوية واجتماعية

  • سعة الرزق والبركة: الحج سبب لسعة الرزق، وبسط المعيشة، وزيادة المال، وراحة البال، كما ورد في الحديث: «تابِعُوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما يَنْفِيان الفقرَ والذنوب».
  • التربية والسلوك: الحج مدرسة لتعليم الصبر والتحمل، والقيام بأمر الله، ومخالفة النفس وشهواتها.
  • الدعوة إلى الله: الحاج يعود من حجه مشحونًا بالإيمان والتقوى، فيدعو الناس إلى الخير، ويحثهم على التمسك بالإسلام.

خامسًا: الحج المبرور والجزاء العظيم

  • الحج المبرور: هو الحج الخالي من الرفث والفسوق والعصيان، والذي يتقبله الله من الحاج.
  • الجزاء: الجنة: جزاء الحج المبرور هو الجنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة».

ختامًا:

إن الحج نعمة عظيمة ومنحة ربانية، فلنحرص على أدائه على الوجه الأكمل، مستشعرين عظمته وفضله، ومتدبرين معانيه ومقاصده، لعلنا ننال رضوان الله ونفوز بجنته.

اللهم يسر لكل مسلم زيارة بيتك الحرام وأداء مناسك الحج والعمرة. آمين.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *