الذهب في الأردن: لماذا يتهافت الأردنيون على المعدن الأصفر رغم ارتفاع الأسعار؟
في قلب التقلبات الاقتصادية العالمية، يظل الذهب ملاذاً آمناً ورمزاً للثقة في الأردن. فما الذي يدفع الأردنيين إلى الإقبال المتزايد على اقتناء الذهب، حتى في ظل ارتفاع أسعاره؟ وهل هو مجرد اتجاه عابر أم استراتيجية ادخارية راسخة؟
الذهب: تاريخ من الثقة في الاقتصاد الأردني
لطالما كان الذهب جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الاقتصادية الأردنية. يُنظر إليه تقليدياً كأداة ادخار موثوقة تحافظ على قيمتها في وجه التحديات الاقتصادية وتقلبات العملة. هذا الإرث التاريخي من الثقة بالذهب يجعله خياراً مفضلاً للكثيرين.
ارتفاع الطلب: أرقام تتحدث
شهدت الأسواق الأردنية ارتفاعاً ملحوظاً في الإقبال على شراء الذهب، خاصة المسكوكات الذهبية والأونصات والليرات. تشير الإحصائيات إلى زيادة بنسبة 65% في وتيرة الشراء مقارنة بالفترة التي سبقت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمركية. هذا الارتفاع يعكس قلقاً متزايداً بشأن الاستقرار الاقتصادي ورغبة في حماية المدخرات.
احتياطيات البنك المركزي: مؤشر على الثقة
لم يقتصر الإقبال على الذهب على الأفراد، بل امتد إلى البنك المركزي الأردني. فقد سجلت احتياطيات المملكة من الذهب ارتفاعاً ملحوظاً بقيمة 506 ملايين دينار (714 مليون دولار)، ليصل إجمالي الاحتياطي إلى نحو 4.763 مليارات دينار (6.72 مليارات دولار) في نهاية فبراير/شباط 2025. هذه الزيادة تعكس إدراكاً لأهمية الذهب كأصل استراتيجي يعزز الاستقرار المالي.
نقص الليرات الذهبية: دليل على الإقبال المتزايد
في ظل تراجع الثقة بأدوات الادخار التقليدية، اتجه العديد من الأردنيين إلى اقتناء "الليرات الذهبية" كخيار ادخاري موثوق. ولكن هذا الإقبال المتزايد أدى إلى نقص ملحوظ في توفر هذه المسكوكات في بعض الأسواق المحلية، سواء الرشادي منها أو الإنجليزية.
آراء الخبراء: نظرة تحليلية
- ربحي علان (نقيب أصحاب محلات الحلي والمجوهرات): يرى أن الارتفاعات المتتالية في أسعار الذهب فاقت التوقعات، وأن الذهب يمثل ملاذاً آمناً في ظل التوترات الجيوسياسية. ويشير إلى أن الطلب على المصوغات التقليدية تراجع، في مقابل تزايد الطلب على المنتجات الاستثمارية من الذهب.
- حسام عايش (الخبير الاقتصادي): يعتبر الذهب إحدى أبرز وسائل الادخار للدول، ويساهم في تعزيز الاحتياطات الإستراتيجية. وينصح الأردنيين بعدم التردد في شراء الذهب لمن يرغب بذلك، مع التأكيد على أن البنك المركزي يتبنى سياسة واضحة في التعامل مع احتياطاته من الذهب.
العوامل المؤثرة في الطلب على الذهب
العديد من العوامل تساهم في زيادة الطلب على الذهب في الأردن:
- التقلبات الاقتصادية: تراجع الثقة في أدوات الادخار التقليدية يدفع الأفراد إلى البحث عن بدائل أكثر أماناً.
- التوترات الجيوسياسية: تؤدي إلى زيادة الإقبال على الذهب كملاذ آمن في أوقات الأزمات.
- توجهات البنوك المركزية: زيادة حيازات البنوك المركزية من الذهب تعزز الطلب العالمي.
- القوة الشرائية: على الرغم من ارتفاع الأسعار، يظل الذهب خياراً جذاباً للعديد من الأردنيين.
صناعة الذهب في الأردن: تطور ملحوظ
يشهد قطاع صناعة الذهب في الأردن تطوراً لافتاً، تمثل في افتتاح أول مصفاة وطنية لتنقية الذهب في البلاد. هذه المصفاة تعزز قدرة المملكة على تصدير منتجاتها إلى 54 دولة حول العالم، وتساهم في تحويل سبائك الذهب إلى ذهب نقي من عيار 999.9.
الخلاصة: الذهب كخيار استراتيجي
في الختام، يمكن القول أن الإقبال المتزايد على الذهب في الأردن ليس مجرد اتجاه عابر، بل هو استراتيجية ادخارية راسخة تعكس ثقة الأردنيين في الذهب كملاذ آمن في وجه التحديات الاقتصادية. ومع استمرار التقلبات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية، من المتوقع أن يظل الذهب خياراً مفضلاً للكثيرين في الأردن.
اترك تعليقاً