القضية الفلسطينية: مرآة تعكس انهيار النظام الدولي – رؤية مستشار كوفي عنان

القضية الفلسطينية: مرآة تعكس انهيار النظام الدولي – رؤية مستشار كوفي عنان

مقدمة: صوت من قلب النظام يكشف المستور

في حلقة مثيرة من سلسلة "المنطقة الرمادية"، يطل علينا مستشار الأمم المتحدة السابق، الذي رافق كوفي عنان في أدق مراحل صنع القرار، ليكشف عن رؤيته الثاقبة حول القضية الفلسطينية، لا بوصفها مجرد صراع إقليمي، بل كمؤشر خطير على تفكك النظام الدولي القائم. بخبرة اكتسبها من قلب الصراعات، بدءًا من الحرب الأهلية السريلانكية وصولًا إلى أروقة الأمم المتحدة، يقدم دي سيلفا تحليلًا جريئًا يتجاوز النظريات إلى الواقع الملموس.

الفيتو الأمريكي: شاهد على ازدواجية المعايير

ينتقد دي سيلفا بشدة استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) بشكل متكرر لحماية إسرائيل من قرارات تدين انتهاكات القانون الإنساني الدولي. ويؤكد أن هذا الاستخدام المفرط للفيتو، سواء في ما يتعلق بنظام الفصل العنصري أو جرائم الحرب والإبادة الجماعية، يكشف عن خلل جوهري في النظام الدولي، ويجعل استمرار هذه الممارسات في القرن الحادي والعشرين أمرًا غير مقبول.

فلسطين: مستعمرة استيطانية في قلب أزمة دولية

يصف دي سيلفا فلسطين بأنها "مستعمرة استيطانية" تم إنشاؤها بدعم من القوى الأوروبية والأمريكية، ويضع هذا الوضع في سياق أوسع من تآكل قواعد القانون الإنساني الدولي. يرى أن ما يحدث في فلسطين ليس مجرد صراع محلي، بل هو انعكاس لتدهور القيم والمبادئ التي يفترض أن يقوم عليها النظام الدولي.

مجلس الأمن: من حارس للسلام إلى أداة للعجز

يشير المستشار السابق إلى أن مجلس الأمن، الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية، كان يهدف إلى أن يكون أداة لـ "الدول الطيبة" لإدارة شؤون العالم وفقًا للقانون الدولي. لكن الواقع الحالي يظهر أن اثنين من الأعضاء الدائمين، روسيا والولايات المتحدة، قد انحرفا عن هذا المسار، مما جعل المجلس غير قادر على القيام بدوره.

غزو العراق: شهادة من داخل الأمم المتحدة

يستعرض دي سيلفا تجربته الشخصية خلال غزو العراق عام 2003، وكيف شهد من داخل الأمم المتحدة آليات الضغط الأمريكي التي أثرت على القرارات المصيرية. ويكشف عن اجتماع استثنائي مع الجنرال واين داونينغ، مستشار مكافحة الإرهاب لجورج بوش الابن، الذي أكد أن العراق لا علاقة له بأحداث 11 سبتمبر/أيلول وتوقع الفوضى التي ستعقب الغزو.

تحول فلسفة الأمم المتحدة: من الوقاية إلى الإدارة

يلفت دي سيلفا إلى التحول الذي طرأ على فلسفة عمل الأمم المتحدة منذ أواخر التسعينيات، حيث انتقل التركيز من منع الأزمات إلى إدارتها. هذا التحول أثر بشكل كبير على طريقة تعامل المنظمة مع القضايا المزمنة مثل القضية الفلسطينية، مما أدى إلى تراكم التعقيدات وعدم حل المشكلات.

اختراق الأمم المتحدة: شبكات تجسس وفساد

يكشف دي سيلفا عن أن الأمم المتحدة مخترقة من قبل أجهزة استخبارات أجنبية، ويصفها بأنها "معطوبة وفاسدة". يروي قصصًا عن محاولات للتأثير على عمله ومراقبته، ويشير إلى النشاط الاستخباراتي المكثف في محيط مبنى الأمم المتحدة.

السلام الحقيقي: العدالة أساس الاستقرار

يؤكد دي سيلفا أن السلام ليس مجرد غياب الحرب، بل هو حضور العدالة. وهذا التعريف له أهمية خاصة في السياق الفلسطيني، حيث يمكن أن يكون هناك سلام ظاهري في غياب الحرب المباشرة، لكن من دون عدالة حقيقية للشعب الفلسطيني. ويضيف أن تحقيق العدالة الحقيقية غالبًا ما يواجه مقاومة من أصحاب النفوذ، مما يعيق أي محاولة جادة لحل القضية الفلسطينية.

خلاصة: نحو نظام دولي أكثر عدالة

في الختام، يقدم دي سيلفا رؤية متشائمة ولكنها واقعية حول وضع النظام الدولي، ويؤكد أن القضية الفلسطينية هي مثال صارخ على فشل هذا النظام في تحقيق العدالة والسلام. يدعو إلى إعادة التفكير في آليات عمل الأمم المتحدة وتفعيل دورها في منع الصراعات وتحقيق العدالة للجميع، مؤكدًا أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العدالة.

المصدر: موقع الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *