في ظل إعلان رسمي عن انخفاض معدل البطالة في المغرب، وإحداث أكثر من ربع مليون وظيفة، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بتعليقات متباينة تعكس قلقًا عميقًا حيال واقع سوق العمل. فهل يمثل هذا التحسن النسبي بارقة أمل، أم أنه مجرد رقم لا يعكس حجم التحديات التي تواجه الشباب المغربي؟
أرقام رسمية وتشكيك شعبي
أعلنت المندوبية السامية للتخطيط عن تراجع معدل البطالة إلى 13.3% خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة بـ 13.7% في الفترة نفسها من العام الماضي. هذا الانخفاض الطفيف أثار جدلاً واسعًا، حيث انقسمت الآراء بين مرحب بتحسن نسبي، ومنتقد يعتبره غير كافٍ ولا يعكس الواقع المرير الذي يعيشه العاطلون، خاصة في المناطق الريفية.
آراء متباينة على منصات التواصل
- المتفائلون: رحب البعض بهذا التراجع، معتبرين إياه مؤشرًا إيجابيًا يشجع الشباب على المبادرة والاستفادة من الفرص المتاحة في المدن. كما رأوا أن استقرار النسبة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة يعتبر إنجازًا يستحق التقدير.
- المتشككون: عبر آخرون عن عدم اقتناعهم بالأرقام الرسمية، مؤكدين أن التحسن "ظاهري" وأن سوق العمل يتسم بالهشاشة. كما أشاروا إلى أن الرقم الحقيقي للبطالة أكبر بكثير من الإحصائيات المعلنة، وأن نسبة 13.3% تضاهي النسب في دول أوروبية ذات اقتصادات أكثر تطورًا.
- المنتقدون: هاجم البعض الحكومة، متهمين إياها بعدم الوفاء بوعودها في مجال التشغيل ومحاربة البطالة، التي يرون أنها تفاقمت أكثر من فترة جائحة كوفيد-19.
تحديات هيكلية وأزمة ثقة
يرى خبراء أن البيانات الرسمية تكشف عن وجود أزمة هيكلية في سوق العمل المغربي، حيث لا يزال يعاني منها أكثر من مليون ونصف المليون عاطل. تتجلى الأزمة في:
- الاختلال بين الوسطين الحضري والريفي: فرص العمل تتركز في المدن، بينما يعاني الريف من نقص حاد في الوظائف.
- الفجوة بين الكفاءات واحتياجات سوق العمل: عدم توافق مهارات الخريجين مع متطلبات الشركات والمؤسسات.
- تراجع تشغيلية القطاع الفلاحي: القطاع الزراعي، الذي كان يوفر فرص عمل واسعة، لم يعد قادرًا على استيعاب أعداد كبيرة من العمال.
مونديال 2030: هل هو الحل السحري؟
تعلّق الحكومة آمالًا كبيرة على تنظيم كأس العالم 2030 في خفض معدل البطالة إلى 9%، من خلال توفير 1.45 مليون فرصة عمل جديدة. لكن مغردين يشككون في قدرة الحكومة على تحقيق هذه الوعود، وفي فعالية برامج التشغيل الحالية، خاصة في ظل الارتفاع المقلق في نسبة بطالة الشباب ومعدل الشغل الناقص.
خطط طموحة وواقع ملموس
أعلنت الحكومة عن خطة وطنية لتقليص البطالة، تتضمن تحفيز المقاولات الصغيرة وتحسين برامج إدماج الشباب. إلا أن التحدي الأكبر يكمن في تحويل هذه الخطط الطموحة إلى واقع ملموس، من خلال معالجة الأسباب الجذرية للأزمة وتوفير فرص عمل حقيقية ومستدامة للشباب المغربي.
توقعات اقتصادية متفائلة
يتوقع البنك المركزي المغربي ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.2% في العام المقبل. يبقى السؤال: هل سينعكس هذا النمو الاقتصادي إيجابًا على سوق العمل، ويساهم في تحقيق تطلعات الشباب المغربي في الحصول على فرص عمل لائقة؟
اترك تعليقاً