برنامج بيرثرايت: ارتفاع الإقبال وسط تصاعد الصراع
مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة عامها الثاني، يشهد برنامج "بيرثرايت"، الذي يقدم رحلات مجانية للشباب اليهودي إلى إسرائيل، ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد المشاركين. تقارير تشير إلى توقعات بوصول عدد المشاركين هذا الصيف إلى 30 ألف شاب، على الرغم من الأوضاع الأمنية والسياسية المتوترة في المنطقة. هذا الإقبال المتزايد يثير تساؤلات حول أهداف البرنامج وتأثيره على الرأي العام اليهودي، خاصة في ظل تصاعد الأصوات المنتقدة للسياسات الإسرائيلية.
أهداف البرنامج المعلنة والخفية
يُعرّف "بيرثرايت" نفسه على أنه برنامج يهدف إلى تعزيز الروابط بين الشباب اليهودي في الشتات، وخاصة في الولايات المتحدة، وبين إسرائيل وتاريخها وثقافتها. ومع ذلك، تكشف التحقيقات عن وجود أجندة سياسية خفية تتضمن توجيهًا أيديولوجيًا واضحًا. الرحلات، التي يفترض أنها غير منحازة، تقدم روايات أحادية الجانب للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتهمش بشكل كامل الرواية الفلسطينية.
تفاصيل الرحلات: لقاءات مع الجيش وتجاهل للمعاناة الفلسطينية
تتضمن الرحلات زيارات إلى مواقع عسكرية، ولقاءات مع جنود إسرائيليين، ومحاضرات يلقيها دبلوماسيون وضباط سابقون. هذه اللقاءات تركز بشكل أساسي على الدفاع عن سياسات إسرائيل، وغالبًا ما تنكر وجود شعب فلسطيني أصيل. شهادات المشاركين والتسجيلات التي تم الحصول عليها تكشف عن خطاب تحقيري تجاه حياة الفلسطينيين، ووصف المستوطنين المسلحين في الضفة الغربية بأنهم "متطوعون محليون". في المقابل، يغيب تمامًا أي ذكر لمعاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال أو في ظل الحرب الحالية.
التأثير على آراء المشاركين: تحول نحو اليمين
تشير الدراسات الممولة من "بيرثرايت" نفسه إلى أن المشاركين في هذه الرحلات يخرجون بمواقف أكثر يمينية، وأكثر استعدادًا لرفض الاتهامات الموجهة لإسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة. هذا التحول في الآراء يثير قلق المراقبين، الذين يرون أن البرنامج يساهم في "إغلاق العقول" تجاه معاناة الفلسطينيين، كما وصفته أستاذة علم الاجتماع جوديث تايلور.
استثمار استراتيجي طويل الأمد
تعتبر الحكومة الإسرائيلية والمتبرعون الكبار، مثل عائلة الملياردير اليميني شيلدون أديلسون، برنامج "بيرثرايت" استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد في الدفاع عن إسرائيل على الساحة العالمية. في ظل تصاعد الأصوات اليهودية المناهضة للاحتلال، خاصة في الجامعات الأميركية، يسعى البرنامج إلى إنتاج جيل يهودي أكثر ولاء لإسرائيل، وأقل اهتمامًا بقضية الفلسطينيين أو حقوقهم.
تحديات ومستقبل البرنامج
في الوقت الذي تشهد فيه الجامعات الأميركية احتجاجات واسعة ضد الحرب على غزة، وتزداد الضغوط الشعبية على دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، يواجه برنامج "بيرثرايت" تحديات متزايدة. ومع ذلك، يبدو أن البرنامج مصمم على المضي قدمًا في استراتيجيته، مما يثير تساؤلات حول تأثيره المستقبلي على الرأي العام اليهودي وعلى العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية.
اترك تعليقاً