بين العلم والمعرفة: رحلة الإنسان بين الدنيا والآخرة

بين العلم والمعرفة: رحلة الإنسان بين الدنيا والآخرة

بين العلم والمعرفة: رحلة الإنسان بين الدنيا والآخرة

يُظهر التاريخ البشري حضاراتٍ عريقةً تركت آثارًا باهرةً تُذهل العقول، شاهدةً على إنجازاتٍ علميةٍ عظيمة. وفي عصرنا الحالي، تتسارع وتيرة التقدم في شتى المجالات، مُحققةً قفزاتٍ هائلةً في التطور المادي. لكن، هل هذا التقدم وحده كافٍ لسعادة الإنسان ونجاحه؟ هل غفلنا عن جانبٍ أسمى وأهمّ؟ يُجيب القرآن الكريم على هذا السؤال بوضوح، مُشيرًا إلى أن الكثير من الناس يعلمون ظاهريًا أمور الحياة الدنيا، بينما هم غافلون عن الآخرة، كما جاء في سورة الروم: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ [الروم: 7].

جهلٌ يعمُّ أكثر الناس

يُكرر القرآن الكريم عبارة "ولكن أكثر الناس لا يعلمون" في العديد من الآيات، مُبرزًا جهل الكثيرين بأسرار الإيمان، والشرائع السماوية، والسنن الإلهية. وتشمل هذه الآيات:

  • الحكم لله وحده: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]
  • فطرة الله: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 30]
  • رزق الله: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 36]
  • وعد الله: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 6]
  • عظمة الخلق: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [غافر: 57]
  • بعث الموتى: ﴿قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: 26]
  • وعد الله بالبعث: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 38]
  • علم الساعة: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187]
  • رسالة النبي محمد: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ: 28]
  • قدرة الله: ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 21]
  • علم يعقوب: ﴿وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 68]

هذه بعض الأمثلة على الآيات التي تُبرز جهل الكثيرين بالحقائق الإيمانية والسنن الإلهية. فهذا الجهل لا يُنقص من قدرة الله، بل يُظهر محدودية فهم الإنسان واعتماده الكامل على رحمة الله وهدايته.

محدودية العلم البشري

حتى في علوم الدنيا، يظل العلم البشري محدودًا، مهما بلغ من التطور. فبقدر ما نكتشف، يظهر المزيد مما لا نعلمه. أمثلة على ذلك:

  • الأمراض: نمتلك معرفة واسعة بمعالجة العديد من الأمراض، لكن تظل أمراض أخرى عصيةً على العلاج، وتظهر أمراض جديدة باستمرار.
  • الموت: نستطيع التنبؤ بموعد الوفاة في بعض الحالات المرضية، لكن الموت الفجائي يبقى لغزًا يصعب التنبؤ به.
  • الأسلحة الفتاكة: تُمكننا تقنياتنا من تدمير العالم، لكننا عاجزون عن استخدامها في إحقاق الحق وإزهاق الباطل.
  • الخلق والإبداع: لا نستطيع خلق شيء من العدم، مهما بلغت إمكانياتنا العلمية والتكنولوجية، كما جاء في سورة الحج: ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [الحج: 73].
  • الجنين: نستطيع تحديد جنس الجنين في مراحله النهائية، لكننا لا نعرف ذلك في بدايات تكوينه.
  • الزراعة: نمتلك تقنيات زراعية متقدمة، لكننا عاجزون عن ضمان نمو جميع البذور وحمايتها

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *