تحريم النذر لغير الله: دليل من القرآن والسنة
يُحرم في الإسلام نذر شيء لغير الله تعالى، وهذا ما تؤكده نصوص قرآنية وسُنّية واضحة. يُعتبر النذر عبادة خالصة لله وحده، وتوجيهه لغيره يُعدّ شركًا بالله، وهو من أعظم الكبائر. سنستعرض في هذا المقال بعض الأدلة القرآنية والسُنّية التي تُبيّن تحريم النذر لغير الله، مع توضيح بعض الجوانب الهامة المتعلقة به.
الأدلة القرآنية على تحريم نذر لغير الله
تُشير آيات قرآنية كثيرة إلى وجوب إخلاص النذر لله وحده، وأن توجيهه لغيره يُعتبر ظلمًا وشركًا. من أبرز هذه الآيات:
-
سورة البقرة، الآية 270: "وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ الله يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ" تُربط هذه الآية بين النذر والنفقات، مُشددة على أن كلاهما يجب أن يكون لله وحده. فمن صرف جزءًا منهما لغير الله فقد أشرك، والظلم الأعظم هو الشرك بالله.
-
سورة آل عمران، الآية 35: "إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" يُلاحظ هنا أن امرأة عمران، عليها السلام، أخلصت نذرها لله وحده، مُفردة إياه دون شريك. وقد فسّر العلماء "محرّراً" بأنّه مُفرّغًا للعبادة وخدمة بيت المقدس.
- سورة مريم، الآية 26: "فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا" يُظهر هذا النص إخلاص مريم، عليها السلام، لنذرها لله الرحمن، مُخصصة إياه دون غيره.
الأدلة السُنّية على تحريم النذر لغير الله
بالإضافة للأدلة القرآنية، توجد أدلة سُنّية تُؤكد تحريم النذر لغير الله. يروي البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قصة رجل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإبطال هذا النذر، وأذن له بالتكلم والاستظلال والجلوس، مع إتمام صومه. هذا يدل على ضرورة مراعاة الشريعة الإسلامية في النذر، وعدم تجاوز حدودها.
خلاصة
يُحرم شرعًا نذر شيء لغير الله تعالى، فالنذر عبادة خالصة لله وحده. وتوجيهه لغيره يُعتبر شركًا بالله، وهو من أعظم الكبائر. تُؤكد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ضرورة إخلاص النذر لله، وتجنب توجيهه لأي مخلوق آخر. يجب على المسلم أن يتحرّى الدقة في نذوره، وأن يُراعِي أحكام الشرع في ذلك.
اترك تعليقاً