تفسير سورة آل عمران: الآيات 135 و 136 – طريق التوبة والمغفرة

تفسير سورة آل عمران: الآيات 135 و 136 – طريق التوبة والمغفرة

تفسير سورة آل عمران: الآيات 135 و 136 – طريق التوبة والمغفرة

تتناول هاتان الآيتان الكريمتان من سورة آل عمران، صفةً من صفات المتقين، وهي سرعة توبتهم واستغفارهم عند ارتكابهم المعاصي، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، وذلك إيمانًا منهم بقدرة الله تعالى على المغفرة، ورحمته الواسعة. سنستعرض في هذا المقال تفسير هاتين الآيتين الكريمين:

*( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ) [آلِ عِمْرَانَ: 135، 136].**

معنى الفاحشة وظلم النفس:

تُطلق كلمة "الفاحشة" على كل معصية كبيرة وقبيحة، وتخرج عن حدود ما أحل الله تعالى. وقد كثُر استعمالها في الزنا، أما "ظلم النفس" فيُقصد بها المعاصي الصغرى. العطف هنا بالواو للمغايَرة، فالمراد بالفاحشة الكبيرة، وبظلم النفس الصغرى.

التوبة والاستغفار:

صفة من صفات المتقين هي المبادرة إلى التوبة والاستغفار عند ارتكاب أي فعل محرم، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا. ذكر الله هنا يعني تذكر وعيد الله، والوقوف بين يديه يوم القيامة، مما يُحدث الندم في القلوب، ويُولد الأمل في مغفرته. فهم يستغفرون الله توبةً نصوحًا، راجين مغفرته.

قدرة الله على المغفرة:

الجملة المعترضة "وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ" تُؤكد قدرة الله على المغفرة، وتُرغّب العباد في التوبة، داعيةً إلى عدم اليأس من رحمته. فالله يحب التوابين والمتطهرين، كما ورد في سورة البقرة (222).

أحاديث شريفة في التوبة:

  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: يروي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الله يغفر للعبد المتوب، حتى لو تكررت ذنوبه وتوبته.
  • حديث علي رضي الله عنه: يروي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: من تاب واستغفر غفر الله له.

الإصرار على الذنب:

المعنى المقصود بـ "وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا" هو عدم الإقامة على الذنب، بل الندم عليه والإقلاع عنه. الإصرار هو العزم على الاستمرار في الذنب، وهو من علامات الهلاك.

أقوال العلماء في الإصرار:

يقول سهل بن عبد الله: الجاهل ميت، والناسِي نائم، والعاصي سكران، والمصر هالك. وأن الإصرار هو التسويف، والتسويف هو تأجيل التوبة إلى غدٍ، وهذا من خداع النفس.

الثواب الجزيل:

يُختمُ هذا الوصف ببيان جزاء هؤلاء المتقين، وهو المغفرة من ربهم، وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، وهذا خير جزاء للعاملين.

أحاديث شريفة في الثواب:

  • حديث أنس بن مالك: يروي فيه أن للمؤمن جنانًا كثيرة في الجنة، ليست جنةً واحدة.
  • حديث أبي هريرة رضي الله عنه: يروي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: لن ينجي أحدًا منكم عمله، بل يتغمد الله بعضهم برحمته.

الخاتمة:

تُبرز هذه الآيات أهمية التوبة النصوح والاستغفار، والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى بعد الذنب، مع الندم عليه والعزم على عدم العودة إليه، وهي مفتاح المغفرة والرحمة من الله تعالى. يجب علينا جميعًا أن نسعى إلى هذه الصفة الحميدة، وأن نحرص على التوبة والاستغفار دائماً، راجين مغفرة الله ورضوانه.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *