تفسير سورة سبأ آية (18): رحلة آمنة بين القرى المباركة
تتناول هذه الآية الكريمة من سورة سبأ، وهي الآية رقم 18، نعمة عظيمة أنعم الله بها على قوم سبأ، وهي سهولة التنقل و الأمان بين القرى المباركة التي أقامها الله لهم. وتُبرز الآية رحمة الله الواسعة وكرمه، وتُحذر من بطر النعم و غرورها.
نص الآية الكريمة:
وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ
تفاسير الآية:
تتعدد التفاسير لهذه الآية الكريمة، إلا أنها تتفق جميعها على إبراز نعمة الله على قوم سبأ في سهولة تنقلهم وأمنهم:
تفسير الواحدي:
يُفسر الواحدي في كتابه "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز" الآية بأن "وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها" تعني قرى الشام، و"قرى ظاهرة" أي متواصلة، يُرى من كل قرية أخرى. فكانوا يسافرون من سبأ إلى الشام بسهولة، و"قدرنا فيها السير" أي جعلنا سيرهم بمقدار، فإذا سلك أحدهم طريقاً وجد قرية أخرى يُقيم بها، مُتَيحاً لهم السفر ليلاً ونهاراً آمنين من عدو أو جوع أو عطش.
تفسير البغوي:
يُضيف البغوي في "معالم التنزيل" تفاصيل أكثر، مُفسراً "القرى التي باركنا فيها" بأنها قرى الشام التي باركها الله بالماء و الشجر، متواصلة تظهر إحداها من الأخرى لقربها. ويذكر أن طريقهم التجاري كان من اليمن إلى الشام، مُقيمين في قرية ويُسافرون لأخرى، دون حاجة لحمل زاد كبير. ويُشير بعض الروايات إلى أن عدد القرى كان 4700 قرية متصلة من سبأ إلى الشام، وأنّ مسافة السير بين كل قرية وأخرى كانت تُقدر بنصف يوم. ويُروى عن قتادة أن امرأة كانت تخرج بمغزلها و وعاء على رأسها، فتعمل بمغزلها حتى يمتلئ وعاءها من الثمار قبل عودتها إلى منزلها. ويُفسر "سيروا فيها" بمعنى التيسير، مُمكّنين إياهم من السفر ليلاً ونهاراً آمنين من عدو أو جوع أو عطش.
العبرة من الآية:
تُبرز الآية الكريمة نعمة الأمن والأمان التي منّ الله بها على قوم سبأ، والتي تُعدّ من أعظم النعم التي ينبغي شكر الله عليها. كما تُحذر من بطر النعم و الغرور، فقد أضاع قوم سبأ هذه النعمة الكبيرة بسبب طغيانهم و عدم شكرهم لله. إنّ الاستقرار والأمن هما أساس ازدهار الأمم و تقدمها، وإنّ شكر الله على نعمه هو سبيل دوامها و استمرارها.
اترك تعليقاً