تهفو القلوب إلى أماكن الجمال والراحة، إلى الحدائق الغناء والشواطئ الساحرة. ولكن، ما بالنا نشتاق إلى صحراء قاحلة؟ السر يكمن في دعوة إبراهيم عليه السلام، تلك الدعوة المباركة التي استجاب لها الله، فجعل من مكة مهوى أفئدة المؤمنين.
مكة: استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام
تذكرنا مكة المكرمة باستجابة الله لدعوة إبراهيم عليه السلام: "{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}" (إبراهيم: 37). فأنبع الله زمزم، وبارك في أهلها، وجعلها أم القرى.
ثم جاء أمر الله لإبراهيم: "{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}" (الحج: 27)، فاستجاب الناس، وما زالوا يستجيبون، بأعداد متزايدة عامًا بعد عام.
موسم الحج: تحديات عظيمة وإنجازات باهرة
إن تنظيم موسم الحج، واستقبال ملايين الحجاج من شتى بقاع الأرض، مهمة عظيمة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وجهودًا مضنية. فكيف يتم تيسير طوافهم وسعيهم وتنقلاتهم بين المشاعر؟ وكيف يتم توفير الأمن والسلامة والراحة لهم؟
إنها لمنة من الله أن يمر موسم الحج بسلام ويسر، وأن يؤدي الحجاج مناسكهم في سهولة ويسر. هذا النجاح الباهر لم يكن ليتحقق لولا فضل الله وتوفيقه، ثم بفضل الجهود المخلصة التي بذلتها المملكة العربية السعودية قيادةً وشعبًا.
شكر القائمين على خدمة الحجاج: واجب ديني وأخلاقي
إن شكر المحسن واجب ديني وأخلاقي، وقد حثنا عليه ديننا الحنيف. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يشكر الناس لم يشكر الله".
إننا نتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على خدمة الحجاج، على ما بذلوه من جهد ووقت ومال لتيسير أداء هذه الفريضة العظيمة. لقد أحسنوا، فأحسن الله إليهم، وجزاهم عن حجاج بيت الله خير الجزاء.
الاعتراف بالفضل: منهج إسلامي
الاعتراف بالفضل لأهله هو منهج إسلامي أصيل. فقد كافأ الله خديجة رضي الله عنها على ما بذلت، وبشرها بالجنة. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كافأ كل من أحسن إليه، ووكل مكافأة أبي بكر إلى الله. بل وأقر بالفضل لطائر أعجم من أجل معروف يؤديه للبشر.
فلنقتدِ برسول الله صلى الله عليه وسلم في شكر المحسنين، والاعتراف بفضلهم، والدعاء لهم بالخير. ففي ذلك خير كثير، وبركة عظيمة.
خاتمة
نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم، وأن يغفر لهم ذنوبهم، وأن يعيدهم إلى أهلهم سالمين غانمين. ونسأله أن يوفق القائمين على خدمة الحجاج، وأن يجزيهم عنا خير الجزاء. وأن يديم على بلادنا الأمن والأمان والرخاء والازدهار.
اترك تعليقاً