تزوير الانتخابات الداخلية يهدد مستقبل أكبر أحزاب المعارضة التركية
عادت قضية المؤتمر العام الثامن والثلاثين لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، لتتصدر المشهد السياسي مجدداً، وذلك بعد أن وجهت النيابة العامة اتهامات بالتزوير إلى شخصيات بارزة في الحزب. هذه التطورات تلقي بظلالها على شرعية القيادة الحالية وتثير تساؤلات حول مستقبل الحزب ودوره في المعارضة التركية.
سياق المؤتمر: هزيمة انتخابية وتغيير في القيادة
يذكر أن المؤتمر، الذي انعقد في نوفمبر 2023، كان محطة مفصلية في تاريخ الحزب، حيث شهد الإطاحة بالزعيم المخضرم كمال كليجدار أوغلو بعد 13 عامًا في القيادة، وذلك في أعقاب خسارته الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس رجب طيب أردوغان. أسفرت الجولة الثانية من التصويت عن فوز أوزغور أوزال برئاسة الحزب، ليصبح الرئيس الثامن للحزب منذ تأسيسه.
لائحة الاتهام: اتهامات بالتزوير والرشاوى الانتخابية
أعلنت النيابة العامة في أنقرة استكمال تحقيقاتها في "وقائع تلاعب وتزوير" خلال المؤتمر، وأعدت لائحة اتهام تطال 12 من قيادات وكوادر الحزب، وعلى رأسهم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. تتضمن الاتهامات الرئيسية تزوير الأصوات وتقديم رشى انتخابية لضمان فوز أوزغور أوزال.
التفاصيل الواردة في لائحة الاتهام تشمل:
- تقديم منافع للمندوبين: مبالغ مالية، عروض توظيف في البلديات، وعود بترشيحات مستقبلية، وبطاقات شراء تموينية.
- توثيق التصويت: مطالبة بعض المندوبين بتصوير أوراق الاقتراع.
- نشر أخبار مضللة: الترويج لانسحاب كليجدار أوغلو من الجولة الثانية للتأثير على الناخبين.
قائمة المتهمين تضم شخصيات بارزة مثل:
- أكرم إمام أوغلو (رئيس بلدية إسطنبول)
- جميل طوغاي (رئيس بلدية إزمير)
- رضا أكبولات (رئيس بلدية بشكتاش السابق)
ردود الفعل: غضب داخل الحزب ونفي للاتهامات
أثارت لائحة الاتهام ردود فعل غاضبة داخل حزب الشعب الجمهوري.
- أوزغور أوزال (رئيس الحزب): اعتبر القضية محاولة لفرض "وصاية قضائية" على الحزب من قبل الرئيس أردوغان.
- أكرم إمام أوغلو: نفى جميع الاتهامات الموجهة إليه.
- كمال كليجدار أوغلو: التزم الصمت ورفض الإدلاء بشهادته، معتبراً المحاكمة "مسيّسة".
موقف الحزب: ثقة في القيادة ومواجهة للتحديات
أكد مراد جان إيشيلداق، نائب لجنة الانضباط في حزب الشعب الجمهوري، أن الحزب يواجه الاتهامات بثقة كاملة ووعي سياسي. وأشار إلى أن إعادة انتخاب أوزغور أوزال في مؤتمر استثنائي عززت شرعيته وقطعت الطريق على أي تشكيك قانوني أو سياسي.
السيناريوهات المحتملة: بين الإبطال والطعون المدنية
فتح قرار القضاء بقبول لائحة الاتهام الباب أمام سيناريوهات قانونية وسياسية متعددة.
- السيناريو المتشدد: إبطال نتائج المؤتمر وعزل أوزغور أوزال، وتعيين "وصي إداري" من قبل المحكمة.
- الطعون المدنية: تنظر محكمة أنقرة الابتدائية في طعون تطالب بإلغاء نتائج انتخابات قيادة الحزب.
ويرى المحلل السياسي جنك سراج أوغلو أن أي حكم مدني بإبطال النتائج سيجبر الحزب على تنظيم مؤتمر جديد، مما يزيد من حدة الارتباك الداخلي.
مستقبل الحزب: تحديات كبيرة في مواجهة المعارضة
تطرح هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل حزب الشعب الجمهوري وموقعه في خارطة المعارضة التركية. هل ستتمكن القيادة الحالية من تجاوز هذه الأزمة وتعزيز وحدة الحزب؟ أم أن الاتهامات بالتزوير ستزيد من الانقسامات الداخلية وتضعف قدرة الحزب على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها تركيا؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستتضح في الأشهر القادمة مع استمرار الإجراءات القانونية وتطورات المشهد السياسي التركي.
اترك تعليقاً