حكم التعاون مع جيش الاحتلال: فتوى إسلامية شاملة

حكم التعاون مع جيش الاحتلال: فتوى إسلامية شاملة

حكم التعاون مع جيش الاحتلال: فتوى إسلامية شاملة

يُعتبر التعاون مع جيوش الاحتلال من القضايا الهامة التي تتطلب فهمًا دقيقًا للأحكام الشرعية. فقد حذر الإسلام من موالاة الكافرين، خاصةً إذا كانوا ظالمين ومحتلين، وشدد على ضرورة نصرة المظلومين ومقاومة الظلم. سنستعرض في هذا المقال حكم التعاون مع جيش الاحتلال من خلال الأدلة الشرعية، ونوضح حدود هذا الحرم، ونبين عواقبه الوخيمة.

مبادئ إسلامية أساسية

يُبنى الإسلام على مبادئ سامية تحث على العدل والرحمة والمحبة للبشرية جمعاء. فالفطرة السليمة تدفع الإنسان إلى نصرة المظلومين ورفض الظلم بكل أشكاله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». يشمل هذا الحبّ المسلم والكافر على حد سواء، كما في قول الإمام محيي الدين النووي: "يحمل ذلك على عموم الأخوة حتى يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام". وهذا يتجلى أيضًا في حديث معاذ بن جبل: «أفضل الإيمان أن تحب للناس ما تحب لنفسك».

لكن هذا الحب لا يتعارض مع كراهية الظالمين ومحاربة الظلم. فمحبة المحتلّين الذين يعتدون على المسلمين ويدنسون أرضهم، تعتبر ردة حضارية ونكسة إنسانية. أي تعاون معهم، مهما كان حجمه، يُعتبر خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.

الأدلة الشرعية من القرآن الكريم

يُحرم الإسلام صراحةً موالاة الكافرين، خاصةً المحاربين منهم، وتوضّح ذلك الآيات الكريمة التالية:

  • سورة المائدة، الآية 51: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾
  • سورة التوبة، الآية 23: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
  • سورة آل عمران، الآية 28: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾
  • سورة الممتحنة، الآية 1: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ﴾

وتُشير هذه الآيات إلى أن الموالاة، أي المحبة والنصرة، للكفار المحاربين تعتبر كفرًا، وأن من يتعاون معهم يكون شريكًا لهم في كفرهم وظلمهم.

الأدلة من السنة النبوية

يُؤكد الحديث النبوي الشريف على أن الإنسان يكون مع من أحب، فمن أحبّ ظالمًا حُشر معه، ومن أحبّ مصلحًا حُشر معه. ويُعتبر المعين على الظلم شريكًا للظالم في إثمه، كما جاء في أقوال العلماء كابن الجوزي والقاضي عياض.

إجماع العلماء

أجمع العلماء على أن معاونة المحتلّين كفرٌ يخرج عن الملة، وأن هذا التعاون، سواء أكان ماديًا أم معنويًا، صغيرًا أم كبيرًا، يُعتبر ردةً وخيانةً لله ولرسوله وللمسلمين. وتُؤكد فتاوى العديد من العلماء المعاصرين، كاللجنة الدائمة للبحوث العلمية، وابن باز، وأحمد شاكر، على هذا الحكم.

خاتمة

إن التعاون مع جيش الاحتلال عمل محرم شرعًا، ويُعتبر من كبائر الذنوب التي قد تُفضي إلى الخروج من الملة. يجب على المسلم أن يحرص على نصرة المظلومين ومقاومة الظلم، وأن يتجنب أي شكل من أشكال التعاون مع المحتلّين، وأن يسعى دائمًا إلى تطبيق مبادئ الإسلام السامية في حياته.

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *