الشيطان ماهر في تزيين المعصية، يريك في لذة الذنب ثمرةً حلوة، ولكنه في حقيقة الأمر خذول. فمهما وعدك وأغراك، ستجد نفسك في نهاية المطاف غارقًا في الحسرة والندامة. هذا هو جوهر الخذلان: أن يقودك إلى ارتكاب ما يغضب الله، ظانًا أنك ستحقق لذة معينة، ثم يتركك وحيدًا تواجه عواقب فعلك.
وهم اللذة المؤقتة
الشيطان يصور المعصية على أنها طريق مختصر إلى السعادة، لكنه يخفي حقيقة أن هذه السعادة وهمية ومؤقتة. فبعد أن تستسلم لإغوائه، تجد نفسك لم تسلم من غضب الله، ولم تنل اللذة التي وعدك بها.
الخذلان في الدنيا والآخرة
الخذلان يعني التخلي عن النصرة في وقت الحاجة إليها. والشيطان يمارس هذا الخذلان في الدنيا والآخرة.
-
الخذلان في الآخرة: يظهر جليًا في موقف الشيطان يوم القيامة، كما وصفه الله تعالى في القرآن الكريم:
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَـٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَیۡكُم مِّن سُلۡطَـٰنٍ إِلَّاۤ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِیۖ فَلَا تَلُومُونِی وَلُومُوۤۤا۟ أَنفُسَكُمۖ مَّاۤ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَاۤ أَنتُم بِمُصۡرِخِیَّ إِنِّی كَفَرۡتُ بِمَاۤ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ} [إبراهيم: 22]
في هذا المشهد المهيب، يتبرأ الشيطان ممن اتبعوه، ويعترف بأنه لم يكن له عليهم سلطان إلا الدعوة، وأنهم هم من استجابوا له.
-
الخذلان في الدنيا: يتجلى في تزيين الشيطان للمعاصي، وإيهام الناس بأنهم سينتصرون باتباعه، ثم يتخلى عنهم في أحلك الظروف، كما ورد في قوله تعالى:
{وَإِذۡ زَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ ٱلۡیَوۡمَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَإِنِّی جَارࣱ لَّكُمۡۖ فَلَمَّا تَرَاۤءَتِ ٱلۡفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَیۡهِ وَقَالَ إِنِّی بَرِیۤءࣱ مِّنكُمۡ إِنِّیۤ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّیۤ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ} [الأنفال: 48]
هنا يصور لنا القرآن كيف أن الشيطان يزين الأعمال السيئة، ويعد بالنصرة والحماية، ثم يهرب ويتخلى عن أتباعه عندما تشتد الأمور.
كيف نحمي أنفسنا من خذلان الشيطان؟
- الاستعانة بالله: الدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يحفظنا من كيد الشيطان ووسوسته.
- التمسك بالدين: الالتزام بتعاليم الإسلام والعمل بها، فهي حصن حصين من إغواء الشيطان.
- الوعي بمكائد الشيطان: معرفة أساليب الشيطان في الإغواء والتزيين، حتى نتمكن من كشفها والتصدي لها.
- التوبة والاستغفار: إذا وقعنا في المعصية، يجب علينا أن نسرع بالتوبة والاستغفار، وأن نعود إلى الله تعالى.
في الختام، يجب أن ندرك أن الشيطان عدو لدود، وأنه لا يريد لنا إلا الشر والهلاك. فلنحذر من مكائده، ولنستعن بالله تعالى عليه، حتى ننجو من خذلانه في الدنيا والآخرة.
اترك تعليقاً