زلزال وكوارث: دروس وعِبر للمسلم في مواجهة الشدائد


في خضم الأحداث المتسارعة التي يشهدها عالمنا، تتوالى الأنباء عن الزلازل والكوارث الطبيعية التي تخلف وراءها الدمار والخراب، وتودي بحياة الآلاف، وتشرّد الملايين. لقد رأينا بأم أعيننا ما حل بإخواننا في تركيا وسوريا، من فواجع هزت القلوب وأدمت الأعين. فما هو موقف المسلم إزاء هذه الأحداث؟ وكيف ينظر إليها؟ وما هي الدروس والعبر التي يجب أن يستخلصها منها؟

الزلازل والكوارث: تذكير بقدرة الله وعجز الإنسان

لا شك أن هذه الكوارث، التي تصيب المؤمن والكافر على حد سواء، تحمل في طياتها رسائل عظيمة وعبر بليغة. إنها تذكير بقدرة الله سبحانه وتعالى وعظمته، وأنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

  • آيات وعلامات: الزلازل والكوارث هي آيات من آيات الله، تدل على قدرته الباهرة وتحكمه في الكون.
  • امتحان للإيمان: يبتلي الله عباده بهذه الأحداث ليمتحن إيمانهم، ويرى مدى صبرهم وثباتهم.
  • تذكير بالضعف: هي رسالة من الله إلى الإنسان، ليشعر بضعفه وفقره، وأن قوته مهما بلغت، لا تساوي شيئًا أمام قدرة الله.

وقد ذكر الإمام عز الدين بن عبد السلام فوائد عظيمة للمصائب والمحن، منها:

  • معرفة عز الربوبية وقهرها.
  • معرفة ذلة العبودية وكسرها.
  • الإخلاص لله تعالى، إذ لا ملجأ إلا إليه.
  • الإنابة إلى الله والإقبال عليه.
  • التضرع والدعاء.

نعمة الاستقرار: تذكير بما نسينا

إن الزلازل تذكرنا بنعمة عظيمة من نعم الله علينا، وهي نعمة ثبات الأرض واستقرارها. لقد اعتدنا على هذه النعمة حتى نسينا قيمتها، وغفلنا عن عظمة الخالق الذي جعل الأرض قرارًا، والجبال أوتادًا.

  • الأرض قرار: لولا أن الله جعل الأرض ثابتة مستقرة، لما طاب لنا العيش عليها.
  • الجبال أوتاد: الجبال هي أوتاد الأرض، تثبتها وتمنعها من الميد والاضطراب.

فلنحمد الله على هذه النعمة العظيمة، ولنشكره على كل نعمه التي لا تحصى.

زلزلة القيامة: تذكير باليوم الآخر

إن الزلازل التي نشهدها في الدنيا، مهما كانت قوتها وشدتها، لا تقارن بزَلْزَلَةُ السَّاعَةِ، ذلك اليوم العظيم الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.

  • أهوال القيامة: إن الزلازل تذكرنا بأهوال القيامة، وتدفعنا إلى الاستعداد لها.
  • الاستعداد للآخرة: يجب علينا أن نعد العدة للآخرة، وأن نعمل الصالحات التي تقربنا إلى الله.

فلنتأمل في زلزلة يوم القيامة، ونسأل الله أن ينجينا من أهوال ذلك اليوم.

الآيات تخويف: دعوة للتوبة والرجوع إلى الله

إن الزلازل والكوارث ليست مجرد ظواهر طبيعية، بل هي آيات من آيات الله، يخوف بها عباده لعلهم يرجعون إليه ويتوبون.

  • التخويف والتحذير: يرسل الله هذه الآيات ليخوف عباده ويحذرهم من عذابه.
  • التوبة والاستغفار: يجب علينا أن نتوب إلى الله ونستغفره، وأن نرجع إليه بقلوب خاشعة منيبة.

قال قتادة رحمه الله: "إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبرون، أو يذكرون، أو يرجعون".

ليست عقوبة فقط: رحمة واصطفاء وتذكير

لا ينبغي أن ننظر إلى الزلازل والكوارث على أنها عقوبة فقط، بل هي قد تكون رحمة، أو اصطفاء، أو تذكير.

  • رحمة ومغفرة: قد تكون الزلازل رحمة من الله بعباده، يغفر بها ذنوبهم ويرفع درجاتهم.
  • اصطفاء وشهادة: قد يصطفي الله بعض عباده في هذه الأحداث، ويكتب لهم الشهادة.
  • تذكير وتنبيه: قد تكون الزلازل تذكرة للغافلين، وتنبيهًا للمقصرين.

ما العمل عند وقوع الزلازل؟

عند وقوع الزلازل، يجب علينا أن نلتزم بما يلي:

  • نجدة المحتاجين: المبادرة إلى نجدة إخواننا المتضررين، ومساعدتهم في تخفيف مصابهم.
  • الدعاء والتضرع: اللهج إلى الله بالدعاء، وأن يرفع عنهم البلاء، ويتقبل شهيدهم، ويشفي مريضهم، ويؤوي مشردهم.
  • التوبة والاستغفار: التضرع إلى الله تعالى، والإنابة إليه، والإقلاع عن المعاصي، والمبادرة إلى التوبة والاستغفار.
  • الصلاة والصدقة: الصلاة والإلحاح على الله بالدعاء، والذكر، والصدقة، وغيرها من الأسباب التي يستدفع بها العذاب والنقم.

نسأل الله أن يدفع عنا كل سوء وشر، وأن يحفظنا والمسلمين من كل مكروه وضر، وأن يدفع عنا الغلا والوبا والربا، والزلازل والمحن.. آمين.

المصدر: موقع طريق الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *