مقدمة:
في تطور يثير القلق، دق معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) ناقوس الخطر بشأن عودة سباق التسلح النووي، محذرًا من أن العالم على أعتاب حقبة جديدة تتسم بتزايد الترسانات النووية، وتراجع الالتزام بالاتفاقيات الدولية الهادفة إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية. هذا التحول الخطير يهدد بتقويض الجهود المبذولة لعقود طويلة لخفض المخزونات النووية، ويزيد من خطر نشوب صراعات نووية كارثية.
نهاية حقبة خفض التسلح:
يشير تقرير سيبري السنوي إلى أن الاتجاه الإيجابي الذي شهده العالم في العقود الماضية نحو خفض عدد الرؤوس الحربية النووية يقترب من نهايته. فبدلاً من الاستمرار في تقليص الترسانات، تتسابق الدول النووية على تحديث وتوسيع قدراتها النووية، مما ينذر بتصعيد خطير في سباق التسلح.
أرقام مقلقة:
- إجمالي الرؤوس الحربية: بلغ إجمالي عدد الرؤوس الحربية النووية في العالم حتى يناير 2025 حوالي 12,241 رأسًا، وهو انخفاض طفيف مقارنة بالعام الماضي (12,405)، لكن هذا الانخفاض يتباطأ بشكل ملحوظ.
- الرؤوس الجاهزة للاستخدام: يوجد 9,614 رأسًا حربيًا ضمن المخزونات العسكرية الجاهزة للاستخدام المحتمل.
- الرؤوس المنتشرة: تم نشر نحو 3,912 رأسًا حربيًا، منها حوالي 2,100 رأس في حالة تأهب قصوى على صواريخ باليستية، وتعود جميعها تقريبًا إلى الولايات المتحدة وروسيا.
الولايات المتحدة وروسيا: تحديث واسع النطاق:
على الرغم من الحفاظ على عدد الرؤوس الحربية القابلة للاستخدام عند مستويات ثابتة نسبيًا في عام 2024، فإن الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تمتلكان نحو 90% من الترسانة النووية العالمية، تنفذان برامج تحديث واسعة النطاق من شأنها أن تزيد من حجم وتنوع ترسانتيهما في السنوات المقبلة.
الصين: توسع سريع:
تواصل الصين توسيع ترسانتها النووية بوتيرة هي الأسرع بين الدول النووية، حيث أضافت بكين ما يقارب 100 رأس نووي سنويًا منذ عام 2023. وبحسب التقديرات، تمتلك الصين حاليًا نحو 600 رأس حربي، وهي في طريقها لأن تمتلك عددًا من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات يعادل ما لدى روسيا أو الولايات المتحدة بحلول نهاية العقد الحالي.
توزيع الرؤوس الحربية:
فيما يلي التوزيع التقديري الحالي للرؤوس الحربية المنتشرة والجاهزة لدى القوى النووية التسع:
- الولايات المتحدة: 5,177 رأسًا (منها 1,770 منتشرة)
- روسيا: 5,459 رأسًا (منها 1,718 منتشرة)
- الصين: 600 رأس (24 منتشرة فقط بحسب التقديرات)
- فرنسا: 290 رأسًا (280 منها منتشرة)
- المملكة المتحدة: 225 رأسًا (120 منتشرة)
- الهند، باكستان، كوريا الشمالية، إسرائيل: لم تُحدَّد أرقام تفصيلية موثقة، لكن يقدَّر أن كلًّا منها يمتلك عشرات إلى مئات الرؤوس.
التوترات العالمية ودافع التسلح:
أشار المعهد إلى أن التوترات العالمية المتزايدة دفعت الدول التسع المسلحة نوويًا (الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وإسرائيل) إلى زيادة مخزوناتها من الأسلحة النووية.
تراجع الاتفاقيات الدولية:
حذر تقرير سيبري من أن التخلي عن الاتفاقيات الدولية لضبط الأسلحة، مثل معاهدة "ستارت الجديدة" بين واشنطن وموسكو، يساهم في تصاعد المخاطر ويزيد من التهديد باستخدام السلاح النووي، في ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة والنزاعات المتعددة التي تشهدها الساحة العالمية.
خاتمة: مرحلة ما بعد الحد من التسلح:
تؤشر هذه التطورات إلى دخول العالم مرحلة ما بعد الحد من التسلح النووي، وهي مرحلة "أكثر خطورة وتفتقر إلى الضمانات". يدعو معهد سيبري المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإعادة بناء آليات الثقة وضبط الانتشار النووي، وتجنب الانزلاق إلى صراع نووي مدمر.
اترك تعليقاً