سورة الإسراء: دليل النصر والتمكين في صراع الحق والباطل
في خضم التحديات التي تواجهها الأمة الإسلامية، وما تشهده من صراعات، يبرز التأمل في سورة الإسراء كمنارة هادية، فهي تتناول تجارب بني إسرائيل في الحكم والدولة، وتكشف عن قوانين النصر والهزيمة. نزلت هذه السورة في فترة عصيبة على النبي صلى الله عليه وسلم، بعد فقدانه لسنديه أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، لتبعث فيه وفي المؤمنين الأمل والثبات.
سورة الإسراء: نظرة عامة
- مكية: نزلت قبل الهجرة النبوية.
- عدد الآيات: 111 آية (حسب عد أهل الكوفة).
- ترتيب النزول: بعد سورة القصص وقبل سورة يونس.
- ترتيب المصحف: السابعة عشرة.
- الموضوع المحوري: الكتاب السماوي والوحي الإلهي، وفي القلب منه القرآن الكريم.
أسماء السورة ودلالاتها
- الإسراء: نسبة إلى معجزة الإسراء والمعراج، التي تؤكد على قداسة الأرض التي انتهى إليها الإسراء، وتعلي من قدر النبي صلى الله عليه وسلم.
- بني إسرائيل: لتعرضها لتجربة بني إسرائيل في الحكم وإقامة الدولة.
- سبحان: لضخامة معجزة الإسراء وما فيها من آيات وعجائب تدل على عظيم القدرة الإلهية.
الإسراء والمعراج: تثبيت وبشارة
جاءت رحلة الإسراء والمعراج في وقت اشتد فيه البلاء على النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت مسحًا لآلام الماضي وتثبيتًا لآمال المستقبل. بدأت الرحلة من المسجد الحرام وانتهت بالمسجد الأقصى، مما يشير إلى دور المسجد في الانطلاق والاستخلاف في الأرض، والربط بين عقائد التوحيد من لدن إبراهيم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
تجربة بني إسرائيل: عبرة للمسلمين
تتحدث السورة عن تجربة بني إسرائيل مع الوحي والتوراة كمنهج حياة. لكنهم لم يرعوها حق رعايتها، فوقع منهم الفساد والاستكبار، فعوقبوا بزوال دولتهم. هذه عبرة للمسلمين بأن وراثة الرسالة والوحي أمانة ومسؤولية، وإلا زالت ودالت.
القرآن: طريق النصر والنجاة
تنفرد سورة الإسراء بذكر القرآن بلفظه نحو إحدى عشرة مرة، مما يدل على أهميته في حياة المسلمين. فالقرآن يهدي للتي هي أقوم، وهو طريق النجاة والنصر في الصراع بين الحق والباطل.
دور القرآن في حياة الأمة
- صناعة الأمة: القرآن هو الذي صنع الأمة الإسلامية قديمًا، وهو قادر على أن يصبها في قوالب السيادة والقيادة مرة أخرى.
- تغيير النفوس: ينتزع من النفوس حب الدنيا وكراهية الموت، ويهب لها قلوبًا شجاعة تفتدي الحق.
- العودة إلى الينابيع: لا بد من عقيدة وشريعة وأخلاق ومعاملات تتفجر من ينابيع القرآن.
الأخلاق: دستور الانتصار
ترسم السورة لوحة أخلاقية فريدة للجبهة التي تبحث عن الانتصار، وهي بمثابة دستور أخلاقي للجبهة التي تنشد التمكين.
أخلاق الانتصار في سورة الإسراء (الآيات 22-39):
- التوحيد: أساس كل الأخلاق.
- العبادة: إخلاص العمل لله.
- بر الوالدين: الإحسان إليهما.
- رعاية الضعفاء: ذوي القربى وابن السبيل والمساكين.
- التوازن: في الإنفاق وتجنب الإسراف.
- حفظ النفوس: المحافظة على الدماء والأعراض.
- رعاية اليتيم: القيام بحقه.
- الوفاء بالعهد: الالتزام بالوعود.
- الكيل والميزان: العدل في التعامل.
- التثبت: التأكد من الأخبار قبل نشرها.
- نبذ الكبر والخيلاء: التواضع والبعد عن الغرور.
العبودية لله: سر التمكين
تؤكد السورة على أهمية العبودية لله في تحقيق النصر والتمكين. فالعباد الشاكرون هم الذين يتأهلون لتنزل النصر.
دلالات العبودية في السورة:
- صفة النبي: وصف النبي صلى الله عليه وسلم بصفة العبد.
- نوح عليه السلام: وصفه بأنه كان عبدًا شكورًا.
- جيل الوراثة: وصف الجيل المتسلم للأرض المقدسة بالعبودية.
- الأخلاق: التأكيد على أن العبادة لله هي أساس الأخلاق.
نهاية المفسدين: عبرة تاريخية
تختتم السورة بالحديث عن تجربة بني إسرائيل في مصر ومواجهتهم لفرعون، التي انتهت بزواله ووراثتهم الأرض. هذه سنة الله في نهاية المفسدين والطغاة، ووراثة المؤمنين الأرض بعدهم.
دعوة للتأمل والعمل
سورة الإسراء دعوة للمؤمنين إلى تلاوتها وتدبرها وحفظها، والعمل بهداياتها، ليكونوا من العباد الشاكرين الذين يتأهلون لتنزل النصر والتمكين.
اترك تعليقاً