شرح حديث “كل أمتي يدخلون الجنة”: عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم وعواقبه

شرح حديث “كل أمتي يدخلون الجنة”: عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم وعواقبه

شرح حديث "كل أمتي يدخلون الجنة": عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم وعواقبه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ختام الحديث الشريف: "ومن عصاني فقد أبى"

في هذا الجزء من سلسلة شرح حديث "كل أمتي يدخلون الجنة"، نتناول الشق الثاني من الحديث الشريف: "ومن عصاني فقد أبى". يشير هذا الجزء إلى عاقبة عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعدم قبول هديه، مما يؤدي إلى الخروج عن سبيل الجنة والدخول في النار. هذا المعنى مُكرّرٌ بشكل واضح في القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

التحذير الإلهي من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم

يُحذّر الله سبحانه وتعالى بشدة من مخالفة أمر رسوله صلى الله عليه وسلم في العديد من الآيات، منها قوله تعالى:

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (المائدة: 92).

والتحذير هنا شديدٌ، لما فيه من خطورة مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهي قد تؤدي إلى الضلال والهلاك. كما جاء في قوله تعالى:

فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (النور: 63).

وقد فسّر الإمام أحمد -رحمه الله- الفتنة هنا بالشرك، مُشيرًا إلى أن مخالفة الأمر قد تؤدي إلى زيغ القلب وهلاك النفس.

مخالفة الأمر ودرجاتها

من المهم التأكيد على أن مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم لا تُكفّرُ المُخالف دائمًا. فالتكفير يكون عند استحلال المعصية بعد العلم والبيان وإقامة الحجة، كما جاء في قوله تعالى:

وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (الأنعام: 121).

لكن تكرار المعصية وتجاهل الأمر يُؤدي تدريجيًا إلى زيغ القلب، كما ورد في قوله تعالى:

فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ (الصف: 5).

وذلك يؤدي إلى اتباع الشبه والفتن، وعدم تمييز الحلال من الحرام، كما في قوله تعالى:

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (البقرة: 10).

أهمية التمسك بالقرآن والسنة

الخلاص من هذه العاقبة يكمن في التمسك بالقرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في قوله تعالى:

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (الحشر: 7).

وفي العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، مثل حديث:

إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به، فلن تضلوا أبدًا: كتابَ الله وسنة نبيه.

وحديث العرباض بن سارية الذي يُحذّر من مُحدثات الأمور، والتي تُعدّ بدعًا وضلالًا.

عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم في الواقع

لنضرب مثالًا واقعيًا على عاقبة عصيان الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو قصة الرجل الذي أكل بشماله، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولم يطع. هذه القصة تُظهر أن عصيان الأمر النبوي، ولو في أمرٍ صغير، له عواقب وخيمة.

أهمية اتباع السنة النبوية في مختلف جوانب الحياة

يُؤكّد هذا الجزء من الحديث على أهمية اتباع السنة النبوية في كل جوانب الحياة، حتى في الأمور التي قد تبدو بسيطة كالأكل باليمين. ففي ذلك دليلٌ على أهمية اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والابتعاد عن كل ما يخالفه.

خاتمة

ختامًا، يُبرز هذا الجزء من شرح الحديث أهمية طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتجنب عصيانه، والتمسك بالقرآن الكريم وسنته النبوية الشريفة، حتى ننال رضا الله سبحانه وتعالى ونجاة يوم القيامة. والله أعلم.

المراجع:

[1] رواه مسلم (231) وغيره.

[2] رواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس بإسناد حسَّنه الألباني، وانظر صحيح الجامع رقم: (2457)، و(2458).

[3] رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2937).

[4] رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42، 43، 44) والدارمي (95) وغيرهم، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود.

[5] رواه مسلم (2021)، وغيره.

[7] رواه البخاري (5376)، ومسلم (2022)، وغيرهما.

[8] شرح رياض الصالحين (2/ 484، 485).

المصدر: شبكة الألوكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *