مقدمة: جوهر العبودية الحقة
إن العبودية لله ليست قيدًا أو ذلًا، بل هي أسمى مراتب العز والشرف. إنها الاصطفاء الإلهي الذي يمنح العبد فرصة عظيمة لنصرة دينه والعمل على إعلاء كلمته. فمن لم يدرك قيمة هذه النعمة، ولم يرَ في خدمة الإسلام فخرًا يفوق كل متع الدنيا، فقد فاته الكثير من معاني العبودية الحقيقية.
الحزن على فوات الدنيا أم الحرمان من القرب الإلهي؟
إن مقياس العبودية الصحيحة يكمن في مدى حزننا على فوات القرب من الله والأنس به، مقارنة بحزننا على ضياع حظوظ الدنيا الزائلة. فمن غلبت عليه حسرة الدنيا، وانشغل بها عن لذة المناجاة والعمل للإسلام، فهو لم يدرك بعد شرف العبودية الخاصة التي يختص بها الله عباده المخلصين.
العمل للإسلام: شرف لا يُدركه إلا العارفون بالله
إن العمل للإسلام شرف عظيم لا يوفق إليه إلا من عرف عظمة الله وقدره حق قدره. تخيل أن الملك الغني العزيز الجبار المتكبر القوي، القادر على كل شيء، يختارك أنت، المخلوق الضعيف، لحماية دينه ونشره ونصره. إنه شرف عظيم أن تكون جنديًا في جيش الله، وأن تكون من أهله المقربين.
اصطفاء إلهي لا حاجة إليه، بل تفضل وكرم
الله سبحانه وتعالى، القادر على خلق أمثال جبريل عليه السلام، لا يحتاج إلى ضعفائنا وفقرنا لنصرة دينه. ولكنه سبحانه وتعالى، بكرمه وفضله، يمنح هذا الشرف العظيم لمن يثبت له الصدق والمحبة والتعظيم. إنه اصطفاء إلهي محض، يختص به من يشاء من عباده.
أصلح قلبك يطلق الله جوارحك: مفتاح القبول والتمكين
إن صلاح القلب هو مفتاح التوفيق والتمكين في خدمة الدين. فإذا صلح القلب، استقامت الجوارح، وتوجهت إلى فعل الخير ونصرة الحق.
دعاء المضطر: طلب الاستعمال في طاعة الله
اجعل دعائك دائمًا: "رب استعملني ولا تستبدلني، واهدني وسددني وأرشدني، وشرفني بالدخول في عبادك المخلصين." قلها بقلب خاشع مخبت، متضرعًا إلى الله أن يجعلك من جنده المخلصين الذين يسعون لنصرة دينه وإعلاء كلمته.
خاتمة: السعي الدائم نحو الاصطفاء
إن شرف العبودية ليس منحة تُعطى مرة واحدة، بل هو سعي دائم نحو الكمال والتقرب إلى الله. فاجتهد في إصلاح قلبك، والعمل للإسلام، والدعاء إلى الله أن يجعلك من عباده المخلصين الذين يختصهم بشرف خدمته.
اترك تعليقاً