قصة شهد: حلم العيد الذي تحول إلى كفن في غزة
في قلب مخيم المغازي بقطاع غزة، حيث الحزن يخيم على كل زاوية، والدموع تروي حكايات الفقد، تتردد أسماء الأطفال الشهداء كجزء من الواقع اليومي. في هذا المكان، لا يترك الموت فرصة للاستعداد أو الفهم، فهو يأتي فجأة، وغالبًا بلا سابق إنذار. من بين هذه القصص المأساوية، تبرز حكاية شهد يوسف عودة الله، الطفلة التي خطفها صاروخ في لحظة كانت تتوق فيها لفرحة العيد، فرحة تحولت إلى مأتم، وابتسامة اختفت تحت أنقاض القصف.
معجزة بعد طول انتظار: شهد.. نور في حياة أمها
لم تكن شهد مجرد طفلة بالنسبة لوالدتها منى عودة الله؛ بل كانت معجزة تحققت بعد 18 عامًا من الزواج دون أطفال. بصوت يخنقه الأسى، تقول الأم المكلومة: "شهد غيرت حياتي بالكامل. بعد سنوات من الحرمان، رزقني الله بها. حرصت على تعليمها في أفضل المدارس، وكانت دائمًا من المتفوقين، محبوبة من معلماتها وكل من عرفها."
تعيش منى حياة مليئة بالتحديات بعد أن أصبحت أرملة قبل اندلاع الحرب الأخيرة على غزة. خلال هذه الفترة العصيبة، اضطرت مع ابنتها شهد إلى النزوح إلى إحدى خيام الإيواء، حيث يواجهون البرد القارس، الظلام الدامس، والخوف المستمر.
حلم الفستان الجديد يتحول إلى مأساة
مع اقتراب عيد الفطر، كانت شهد تحلم بفستان جديد، مثل أي طفلة أخرى في العالم. ورغم الظروف القاسية، ظل قلبها ينبض ببراءة الطفولة، تركض وتلعب مع أطفال الجيران. قبل لحظات من استشهادها، ذهبت لشراء كعك العيد، لكنها "عادت إليّ شهيدة، مرتدية نفس ثياب العيد، ثياب الفرح التي تحولت إلى كفن"، كما تصفها والدتها بحرقة. طائرة استطلاع إسرائيلية أطلقت صاروخًا على تجمع للأطفال، من بينهم شهد، محولة اللحظة إلى مجزرة مروعة راح ضحيتها 16 طفلاً، كانوا يضحكون، يلعبون، ويرسمون أحلام العيد على وجوههم.
"شهد استشهدت": صدى يتردد في ذاكرة الأم
تتذكر منى اليوم الأخير وكأنه كابوس لا ينتهي: "كان في قلبها شعور غريب في ذلك اليوم، كأنها كانت تشعر بما سيحدث. ودّعتني مرتين، وقبّلتني، وركضت. وبعد دقائق سمعت الصراخ، وعندما خرجت، لم أر شيئًا سوى الفوضى والدمار، وسمعت كلمات تتردد: شهد استشهدت.. شهد استشهدت." ما زالت منى تحتفظ بفستان العيد الذي اشترته لشهد، وتقول إنه معلق الآن بجوار صور ابنتها، لكنه لم يعد يحمل رائحة الفرح، بل رائحة الدم والوجع.
منظمة العفو الدولية تدين وتطالب بالتحقيق
في أعقاب هذه المجزرة المروعة، أصدرت منظمة العفو الدولية بيانًا قوي اللهجة، تدين فيه القصف الإسرائيلي، معتبرة أن ما حدث في مخيم المغازي "قد يرقى إلى جريمة حرب." وأكدت المنظمة أن "الضربة الجوية نفذت دون تمييز وبصورة عشوائية في منطقة مأهولة بالسكان المدنيين، مما يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني." وطالبت المنظمة بفتح تحقيق دولي عاجل في هذه الجريمة النكراء، ومحاسبة المسؤولين عنها.
اترك تعليقاً