في رحلة الحياة، يجد كل منا نفسه بحاجة إلى سند، إلى شيء يتكئ عليه ليواجه تحديات الطريق. هذا السند، هذه "العصا"، ليست مجرد أداة مادية، بل هي رمز لليقين، والدعم، وتحقيق المنافع، والاكتفاء بالوحي الإلهي.
العصا: رمز للاحتياج والتكامل البشري
كما قال الله تعالى في سورة طه: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ}. هذه الآية تذكرنا بأن الإنسان خُلق بنقص فطري، وهذا النقص هو ما يدفعنا إلى التعاون والتكامل. نحتاج إلى الآخرين، ويجب أن نكون بدورنا عونًا لهم.
الوحي: العصا الحقيقية للحماية والسعادة
إن العصا التي نتوكأ عليها في حياتنا لتحمينا من السقوط هي اليقين بأن الوحي هو ملاذنا وكهف حمايتنا وسبيل سعادتنا دنيا وآخرة. الوحي هو صلاح لقلوبنا، ومن خلاله تصلح أعمال جوارحنا، وبه تتحقق منافعنا.
كيف نكون عصا لغيرنا؟
نحتاج أن نكون، ونحتاج من غيرنا أن يكون لنا، العصا التي نتوكأ عليها ويتوكأ علينا غيرنا في حياتهم، خاصة في أوقات الشدة والتحير. كيف نفعل ذلك؟
- بالتوحيد الخالص: نمنح الآخرين الأمان القلبي والفكري من خلال دعوتهم إلى التوحيد الخالص.
- بالسؤال وأمانة الشورى: نستشير بعضنا البعض بأمانة وإخلاص.
- بأمانة الصحبة والمجلس: نحرص على أن تكون صحبتنا ومجالسنا نافعة ومفيدة.
العصا لتحقيق المنافع والدفاع عن الحق
العصا ليست فقط للاتكاء، بل هي أيضًا أداة لتحقيق المنافع والدفاع عن الحق. كيف نستخدمها في حياتنا؟
- بالدعاء لبعضنا: نهش بها مصالحنا بالدعاء لبعضنا، والفرح عند تحقيق إنجازاتنا، بدلًا من الحسد.
- بالتزكية: نسعى لتزكية بعضنا البعض لفتح الأبواب المغلقة المباحة.
- بالدفاع عن الحق: نهش بها من يغتاب أو يقول زورًا عن بعضنا.
- بالسعي للتطوير: نسعى لمساعدة بعضنا في تطوير أعمالنا، وليس إعاقتها.
عصا موسى: رمز للنصر والنجاة
عصا موسى عليه السلام كانت ملاذًا ونصرًا ونفعًا لقومه بني إسرائيل. تذكرنا بقدرة الله على تحويل الأدوات البسيطة إلى معجزات عظيمة. {وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} و {فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ.وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ.وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ}. فلنكن نحن تلك العصا، عونًا وسندًا لغيرنا.
بقلم: د. حباة بنت سعيد باأخضر
اترك تعليقاً