غزة تنزف: معلمة تنجو من الموت وطلابها يصبحون شهداء – قصة مروعة من قلب الحرب
في شهادة تقشعر لها الأبدان، تروي المعلمة الفلسطينية نور أبو عيشة تجربتها المريرة في غزة، حيث تحولت مدرسة إلى ملجأ، ثم إلى مسرح لمجزرة مروعة. قصتها، التي نشرها موقع "موندويس" الأميركي، ليست مجرد سرد للأحداث، بل صرخة مدوية تكشف عن حجم المعاناة التي يعيشها الأطفال في ظل الحرب.
مدرسة الجرجاوي: حين يحترق الأمل
تستذكر نور مجزرة مدرسة الجرجاوي، حيث قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين، لتشتعل النيران في الأجساد البريئة. صورة الطفلة ورد الشيخ خليل، وهي تركض بين الجثث المتفحمة، ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية. تتساءل نور: "ماذا اقترفت هذه الطفلة لتُترك وحيدة، جائعة، وسط رائحة الموت؟ كيف ستخبر العالم أن الاحتلال لم يكتفِ بقتل عائلتها، بل أحرقهم أحياء؟".
مدرسة النصر: ملاذ يتحول إلى مقبرة
تعود نور بذاكرتها إلى مدرسة النصر، حيث عملت كمتطوعة لتدريس اللغة الإنجليزية وتقديم الدعم النفسي للأطفال. هؤلاء الأطفال، الذين نشأوا في الملاجئ المذلة، ينتظرون في طوابير الطعام والماء، ويبحثون عن الحطب لإشعاله.
أحلام محطمة
في محاولة لرسم البسمة على وجوههم، سألت نور طلابها عن أحلامهم. بدلًا من الطموحات العادية، صدمتها إجاباتهم المؤلمة. الطفلة آية الدلو، ذات الخمس سنوات، أجابت ببراءة: "عندما أكبر، سآكل رزًا فيه كثير من اللحم". هذا الجواب كشف عن الواقع المرير الذي يعيشه هؤلاء الأطفال، حيث أصبح مجرد الحصول على الطعام حلمًا بعيد المنال.
تتذكر نور كيف أن ابن أخيها، عمر، لم يرَ السمك إلا بعد عام ونصف من الحرب، وظنه أفعى. هذه التفاصيل الصغيرة تكشف عن حجم الحرمان الذي يعيشه أطفال غزة، الذين فقدوا حتى أبسط مظاهر الطفولة.
لحظة الرعب: الصاروخ الذي غير كل شيء
في الرابع من أغسطس 2024، وبينما كانت نور تستمتع بلحظات من الهدوء في حديقة المدرسة، سمعت صوتًا مدويًا. صاروخ أصاب المبنى المجاور مباشرة، ليحول المكان إلى جحيم. تتذكر نور الصراخ، والخوف، والضباب الكثيف الذي غطى كل شيء. بعض الطلاب طارت أجسادهم في الهواء، بينما نجا آخرون بأعجوبة.
النجاة بأعجوبة
نجت نور من الموت بأعجوبة، ولكنها لم تنجُ من الصدمة. بعد شهرين، عادت إلى مدرسة النصر، لتجد الدمار والخراب. مديرة المدرسة أخبرتها أن نجاتها معجزة، وأنها نجت بينما مات طلاب كانوا أبعد منها.
نور الدين: قصة فقدان لا تنتهي
في ذلك اليوم، التقت نور بالطالب نور الدين مقداد، الذي فقد عائلته بأكملها في القصف. كان نور الدين قد خرج لشراء شيء، ليعود ويجد أن عائلته قد أكلت وجبتها الأخيرة. تتذكر نور كيف كانت والدته تصفه بأنه ذكي وعنيد، وكيف غيرته الحرب. الآن، يقضي نور الدين أيامه وهو يعانق قبور أمه وأبيه وإخوته، وحيدًا ومكسور القلب.
هل نجوت لأروي؟
تختتم نور شهادتها بسؤال مؤلم: "هل نجوت لكي أروي لكم ما حدث في تلك اللحظات؟". قصتها هي تذكير مأساوي بالثمن الباهظ الذي يدفعه الأطفال في الحروب، وصرخة مدوية تطالب بإنهاء هذا العبث الذي يدمر الأرواح ويحطم الأحلام.
اترك تعليقاً